المعصية

✍ د- لبني يونس : 

خلي بالك إن المعـ ـصية في شهر رجب إثمـ ـها عند الله أشد من الشهور الأخرى
ودا لأن شهر رجب من الأشهر الحرم الأربعة
فكما أن الحسنات تضاعف فى الأشهر الحرم كذلك تضاعف السيئات
فالتكاسل عن الصلاة والنظر للنساء والـ ـزنا والكلام المحرم مع النساء وخاصة فى الشات وعلى منصات التواصل الإجتماعي
والسرقة والغش والخداع والغيبة والنميمة والكذب وشرب الخمر وووو…. الخ من المعاصي وكل ما يقع تحت طائلة المعاصي هو مما يتضاعف وزره وإثمه في هذه الشهور الحرم ، بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله ومن أشد ما تضاعف فيه الذنوب في هذه الأيام هو إيذاء المسلمين وما فيه انتهاك لحقوق العباد

ولذلك حذرنا الله في الآية بقوله: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم)
يدعونا سبحانه إلى مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرًا لما لها من حرمة عند الله عز وجل ولأن الذنوب فيها تكون أعظم.
.
وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر، فقد صرح به أهل العلم استناداً لقول الله تعالى:
(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36] .
.
{فلا تظلموا فيهن أنفسكم} معناها : لا تنتهكوا حرمة الشهر بالوقوع في الذنوب .
قال الطبري : “الظلم : العمل بمعاصي الله ، والترك لطاعته”
.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)
أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25] .
وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء.
.
وقال الإمام القرطبي رحمه الله:
لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء،
كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30] .
.
طيب إيه هي الأشهر الحرم دي ؟
الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب
كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
“إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان” .
.
قال الإمام الرازي : عند قوله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) (التوبة: 36).
قال : ( ومعنى الحرم: أن المعصية فيها أشد عقاباً، والطاعة فيها أكثر ثواباً، والعرب كانوا يعظمونها جداً حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يتعرض له.
فإن قيل: أجزاء الزمان متشابهة في الحقيقة، فما السبب في هذا التمييز؟ قلنا: إن هذا المعنى غير مستبعد في الشرائع، فإن أمثلته كثيرة، ألا ترى أنه تعالى ميز البلد الحرام عن سائر البلاد بمزيد الحرمة، وميز يوم الجمعة عن سائر أيام الأسبوع بمزيد الحرمة…).
.
والجامع لهذا كله :
[لكي لا تقع في الظلم في الأشهر الحُرُم أو في غيرها لابد أن تكون “مُعظِّما” لحرمات الله وشعائره]
.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال ووفقنا وإياكم لكل خير في الدنيا والآخرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى