نقاد يضيئون على “تطوّر الشعر العربي” في بيت الشعر
ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي في رابع أيامه
الشارقة – مريم البراهيم :
ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي في دورته العشرين، أقيمت صباح يوم الخميس 11 يناير 2024، في مقر بيت الشعر بالشارقة ندوة فكرية حملت عنوان “تطوّر الشعر العربي” شارك فيها النقاد د. محمد عبدالرزاق المكي من مصر، د. سماح حمدي من تونس، د. محمد طه العثمان من سوريا ، د.عبدالله المعطاني من السعودية، ود. ناصر شبانة من الأردن، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر مدير المهرجان، ولفيف من المثقفين والعديد من جمهور المهرجان، قدم وقائع جلسات الندوة الفكرية د. محمد عيسي الحوراني من الأردن، وموج يوسف من العراق .
حيث أشادا بأنشطة وفعاليات المهرجان، واستضافته نخبة من الشعراء والنقاد أصحاب التجارب الإبداعية العميقة، حيث حقق إنجازات ساهمت في انتشاره بشكل لافت عبر الزمن، مثمنين مبادرات وجهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الارتقاء بالشعر العربي ونقاده وباحثيه وباللغة العربية ومعجمها التاريخي في إطار التجدد والإبداع، فضلاً عن المبادرات الثقافية الأخرى التي ترعاها إماره الشارقة والتي أحدثت فروقاً ملموسة في الحياة الثقافية بوجه عام.
مدونة شعرية
جرت وقائع الجلسة الأولى التي أدارها د.محمد الحوراني في قاعة منتدى الثلاثاء في بيت الشعر، حيث حملت الورقة البحثية للدكتور محمد عبدالرزاق المكي عنوان “تطور اللسان والاختلاط بالثقافات” التي أوضح فيها أنه ليس من هدف أي دراسة نقدية رصد حضور الألفاظ الأجنبية في المدونة الشعرية العربية عبر العصور المختلفة والتوسل بالمنهج التأثيلي في رَدِّها إلى أصولِها، والتفتيشِ عن المَسَارِبِ التي سلكتهَا تلك الألفاظُ إلى المُعْجَمِ الشعريِ العربي؛ إذ لا يكشفُ هذا الطَّرْحُ- وَفْقَ تَصوُّرِ الباحثِ- عن تغيرٍ جِذريٍّ في لغةِ الشعرِ العربيِّ إلا إذا تحولَّ إلى نوعٍ من ” المُثَاقَفَةِ اللغوية ” تنتج خطابًا شعريًا مغايرًا للخطابِ الشعريِّ المُؤَسِّسِ.
تجربه إبداعيّة
وحملت الورقة البحثية للدكتوره سماح حمدي من تونس عنوان” الصورة واختلاف دلالاتها في لغة الشعر العربي” والتي بينت فيها أنّ مصطلح الصّورة الشعرية يُعدّ من أهمّ المصطلحات التي عالجها الباحثون في دراساتهم قديما وحديثا ، ذلك أنّها ركن أساسي من أركان العمل الأدبي ووسيلة الأديب الأولى التي يصوغ من خلالها تجربته الإبداعيّة وهي كذلك الوسيلة المناسبة للناقد ليقيّم الأعمال الأدبيّة، فالصورة الشعريّة هي جوهر العمل الشعري وأساسه الرئيسيّ ومصدر جماليته، ذلك أنّ قدرة الشاعر على الابتكار والخلق تتجسّم فعليّا في الصّورة أكثر ممّا تتحقّق في أيّ عنصر آخر من عناصر النصّ الشعري وقد ” ظلّ لمفهوم الصّورة الشعريّة حضوره الطاغي في عقليّة الناقد العربي قديما وحديثا.
مهارات لغوية
وتناولت الورقة البحثية للدكتور محمد طه العثمان إشكاليات “تطور المستوى الصرفي في لغة الشعر العربي” والتي أشار فيها إلى أن الشعر العربي ظل على مدار قرون عديدة يلعب دوراً مهمًا في الحفاظ على اللغة العربية وتطوير أساليبها وإثرائها ومدِّها بألفاظ وصورٍ توسع معانيها ومبانيها؛ وما فتئ الشعراء عن تقديم مهاراتهم اللغوية والأسلوبية الرصينة التي تشاكل عظمة هذه اللغة وتساهم في إظهار رونقها العالي؛ لكن ذلك لم يمنع بعض المغامرين من محاولة التجديد في اللغة عن طريق الاشتقاق والنحت والتوليد؛ مما انعكس بشكل إيجابي أيضًا على حركة التطور اللغوية لما تمتلكه العربية من حيوية وقدرة على الامتصاص؛ وقد حفلت العديد من القصائد بهذه المحاولات على مر العصور السابقة.
آفاق جمالية
وحلقت الجلسة الثانية من الندوة الفكرية في آفاق جمالية أخرى، والتي أدارتها موج يوسف، حيث تحدث الدكتور عبدالله المعطاني في بحثه عن “تطور البنية اللغوية” التي أكد فيها أن مغامرة اقتحام لجة النصوص الشعرية تحمل في طريقها خطورة الإخفاق والتردد الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى السقوط في اجترار مناهج ودراسات فرضتها العلاقة الجدلية بين النص وخصوصياته المعرفية والتاريخية. ومما يزيد الأمر تعقيداً وإشكالاً أن بعض الدارسين المحدثين يلوون أعناق النصوص الشعرية ويستلبون بريقها حينما يقطعون صلتها بسياقاتها الحضارية والتاريخية متعمدين عملية القسر والإقحام في محاولة لإخضاع النص لمفاهيم ونظريات متنوعة بعضها مستمد من الفكر الغربي وبعضها يدور في فضاءات التشكل المعرفي للثقافة العربية.
حركة دائبة
ورصد الدكتور ناصر شبانه في أطروحته البحثية أشكال “المفردة من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث” موضحاً أن المفردات اللغوية في تجدد مستمر، وحركة دائبة، قوة وضعفاً، حياة وموتًا، سكوناً وحركة، ويفترض هذا البحث أن الشعراء هم حراس اللغة، وهم سدنتها، بهم تنشأ، وعلى أيديهم تتطور وتكبر، ولديهم أساليبهم وطرقهم في إنتاج المفردات والصيغ اللغوية الجديدة، كما أن للبيئة دورًا في نشوء المفردات، وفي منحها عمرها المفترض، كما أن لها دورًا في موتها وانقراضها، ويحاول الباحث أن يبين أثر الشعراء في تسمين المعجم اللغوي، ودورهم المهم في الاستعمال الفعلي للمفردات والصيغ، إذ لا يعول على المعجم اللغوي وعدد مفرداته ويكتفى بذلك، بل لا بد من رصد المفردات الفعلية المستعملة في كل حقبة من الحقب، فالاستعمال الفعلي للمفردة هو الذي يحدد وجودها من عدمه .