*اشحن رصيدك*

✍ صَالِح الرِّيمِي :

قرأت جملة قديمًا تقول: “كن السبب في جعل أحدهم يقتنع أن هناك خيرًا في الناس”، وفي الوقت الذي أنقطت فيه معاشات موظفي الدولة في اليمن بسبب الحرب، حيث لم يستلم أغلب الموظفين رواتبهم الشهرية منذ أكثر من ثمان سنوات، مع ارتفاع جنوني في أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية والأدوية والخدمات الأساسية، وكل شيء تقريبًا تضاعفت أسعاره بنسب تزيد عن 100%..
وفي ظل هذا الوضع المتأزم والواقع المرير من بعد الحرب، أتسائل عن الطريقة التي استطاعت بها الكثير من الأُسر اليمنية الصمود لأكثر من ثمان سنوات، بدون دخل شهري منتظم يؤمن لها احتياجاتها الأساسية، أو لأكون أكثر دقة، احتياجاتها الضرورية التي تضمن لها البقاء على قيد الحياة.

ومع كل الظروف الاقتصادية ما زال ثمة بصيص من الأمل بأن الخير مازال موجود في بعض أفراد الشعب اليمني، فأهل اليمن أهل خيرٍ وبركة، ولا يزال الإيمان منيرًا في قلوب طائفةٍ منهم إلى قيام الساعة، وأكثر ما يحتاج له الناس هذه الأيام هو التراحم فيما بينهم، فالرحمة والتراحم أجمل شيء في الحياة، لو دخلت قلوبنا وأدخلناها في حياتنا وبيوتنا صلحت أمورنا كلها، وعشنا أسعد حياة، وأحلى حياة..
من هذا المقدمة أنقل لكم قصة المرأة الرحيمة، بتصرف مني، يقول أحد الأصدقاء في مدينة صنعاء دخلت سوبر ماركت للتسوق وكان المكان مزدحم بالناس في الداخل، لكن لفت انتباهي امرأه كانت تأخذ مستلزماتها بهدوء تام وباسلوب راقي وأنيق، والجميل وجدتها مهتمة بقراءة تاريخ إنتهاء البضائع قبل وضعها في العربة وكانت الصدفة تجمعني بها في أكثر من مكان داخل السوبر ماركت، وعندما ذهبت إلى المحاسب وجدتها أيضًا تسبقني بخطوة هناك.

انتهيت من الشراء وخرجت إلى الشارع وكانت المفاجأة رأيتها تتصدق بجميع المواد الغذائية على مجموعة من النساء الفقيرات الآتي كن يجلسن على رصيف السوبر ماركت، نساء يسكنهن اليأس والحاجة وينتظرن المارة تتصدق عليهن بالفتات ليستمرن في العيش..
يقول: كان المشهد مذهلًا جدًا وأنا اتابعها عن كثب، لقد كانت امرأة بألف رجل ليس هنالك أفضل من هذه الطريقة للصدقة؟ انتهت القصة ولم ينتهِ الكلام، إن المرأة بهذا العمل تجمع لها رصيدًا ينفعها عند ربها في الآخرة لتحجز به مكانًا في الجنة، فصدقتها رصيد في الدنيا ومضاعف أجرها في الجنة، قال تعالى: «فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا».

*ترويقة:*
لكل مسلم رصيدًا في الدنيا ورصيدًا في الآخرة، ولا شك أن رصيد الآخرة خيرٌ وأبقى، وهذا الرصيد عليه أن يملأه، ويزيده بعمله الصالح، ‏فلا تدع اليوم يمضي وأنت مشغول في أمور الدنيا الزائلة، دون أن تشحن رصيدك من أعمال الآخرة، ومن الصالحات وعمل الخيرات وكثرة الطاعات، وأفضلها الصدقة على الفقراء والمحتاجين، فمن أحب أن يلحق بدرجة الأبرار ويتشبه بالأخيار، فلينو كل يوم تطلع فيه الشمس نفع الخلق.

*ومضة:*
اشحن حسنة تأخذ عشر حسنات إلى سبعمائة حسنة والله يضاعف لمن يشاء: قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى