إسراء محسن تكتب: معادلات عالمية جديدة بالمنطقة في 2024

 

 

 

كانت سنة 2023 واحدة من أصعب السنوات التي مرت علي الأمة العربية وكافة شعوب المنطقة، فشهدت كوارث إنسانية وحروبا خلفت وراءها خسائر فادحة علي المستويات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية أيضا.
بدأت السنة المنقضية بزلزال سوريا الذي أثر علي حوالي 8.8 مليون شخص وخلف نحو 5914 قتيلا، تلاه زلزال المغرب الذي أودي بحياة 2946 شخصا، ولم تكتف الطبيعة بهما ففي سبتمبر ضرب إعصار “دانيال” ليبيا والذي تسبب في غرق مدينة درنة بأكملها ومقتل المئات.
وكأننا لم نأخذ نصيبنا الكافي من الكوارث حتي بدأت الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة والشعب الفلسطيني الذي يواجه منذ ثلاثة أشهر إبادة جماعية وسط تواطؤ وصمت عالمي رسمي تجاه انتهاك فج وصريح لكل القوانين الدولية بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، لتسقط الشعوب الحرة القناع عن أنظمة دولية تدعي حماية الحقوق والحريات وتحتفظ بها فقط في تدوينات مواثيق دولية انتهت صلاحيتها أمام مشاهد قتل أطفال ونساء وعجائز عزل.
أجد هذه الأنظمة وقد حملت مع خبث نواياها رغبتها في إدخال مصر إلى صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل، بإعلان مخططها الصريح لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء ، وكأنهم يتحكمون فيما لايملكون، لكن الشعب الفلسطيني الصامد لم ولن يقبل ترك أرضه، ولن تقبل مصر التخلي عن ذرة من تراب سيناء أو أن تجرها إسرائيل ومن يقف وراء مخططاتها إلى صراعات هدفها تدمير دولة وإسقاط أمة بكاملها.
ومع ذكر الحرب؛ لا نستطيع أن نغفل الحديث عما يجري في السودان أكبر بلد نزوح داخلي في العالم، بخلاف قتلي يقدر عددهم بنحو 12 ألف شخص.
تأثير كل هذه الأحداث علي الوضع الاقتصادي في الوطن العربي حدث ولا حرج، فقد بلغت الخسائر السورية الناتجة عن الزلزال 5.1 مليار دولار بما يعادل 10% من ناتجها المحلي، أما زلزال المغرب فقد قدرت الخسائر الناتجة عنه بحوالي 130 مليار دولار أي ما يعادل 8% من الناتج المحلي للبلاد، وإعصار “دانيال” كبد البلاد الكثير ووصلت الخسائر المادية إلى ما يقارب ملياري دولار، أما عن كلا الحربين على غزة وفي السودان فمن الصعب التقييم في ظل استمرارها، لكن تجاوزت الخسائر في السودان بأكثر من 100 مليار دولار.
في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة تم عقد الجلسة 116 لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية في مقرها الدائم بالقاهرة، في محاولة لوضع خطة لمساعدة الدول العربية المنكوبة علي تخطي أزماتها الاقتصادية وإيجاد حلول لها والنهوض بشكل عام، خاصة بعد الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به العالم بأكمله عقب انتشار فيروس كورونا وحرب أوكرانيا والتغيرات الإقليمية الكبرى التي تحدث بالعالم.
وشهد المجلس مناقشة دراسة أعدتها أمانته العامة كان من محاورها توسيع نطاق الدول وتعزيز الشراكة وتوسيع نطاق القومية بالمجلس لتحقيق المزيد من التقدم في ظل ظروف صعبة واستثنائية يمر بها الوطن العربي علي المستوي الاقتصادي والإقليمي.
أتوقع أن تشهد المنطقة معادلات عالمية جديدة في السنة الجديدة، ستشكل بالضرورة رسم أولويات مختلفة لكل دولة وكل تكتل سياسي أو اقتصادي عربي، كما ستعيد حكومات هذه الدول حساباتها ومصالحها الداخلية بما يتفق وحماية شعوبها، بالنظر إلى ما تخطط له دوائر صنع القرار على المستوى العالمي والتي تستهدف فرض سياسة الأمر الواقع بما يخدم عودة هيمنتها الاستعمارية التاريخية ولو اتخذت أشكالا مغايرة لما شهده القرنان التاسع عشر والعشرين من حضورها العسكري المباشر، وبالتأكيد سيكون لمصر وقيادتها الواعية رؤية تتفق ومصالح شعبها وتطبيقات لها تدعم حماية أمنها وحدودها وسيادتها الكاملة على كافة أراضيها، وقد كانت نتائج انتخابات الرئاسة الأخيرة بما شهدته من إقبال تاريخي غير مسبوق خير تأكيد شعبي على تجديد الثقة في قيادتها الأقدر على فهم ومواجهة التحديات المتجددة والمتزايدة حولنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى