بين طيات المحن تأتي المنح
✍ صالح الريمي:
قال رجل يوناني حجزت تذكرت سفر على متن طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية المنكوبة التي تحطمت منذ عدة سنوات وقُتل جميع من كان على متنها، وحمدت الله أن الحظ حالفني لتأخري دقيقتين عن الاقلاع، عليكم أن تتخيلوا كم كان حزني حين فاتتني الطائرة وفقدت تذكرتي ثم فرحت أنني لم آكن من بين ركاب الطائرة والحمدلله على نجاتي..
يُعجبنى دعاءٌ للشيخ الشعراوى، فيه معانٍ طيبة؛ حيث يقول رحمه الله: “أحمدك ربي على كلِّ قضائك، وجميع قَدَرِكَ، حمد الرضا لحُكْمِك لليقين بِحِكْمَتِك”.
لايزال الناس تهفو إلى حياة خالية من الأمراض والأسقام والمآسى والأحزان، تلك هى أمنية المخلوق الضعيف الجاهل الذى وقف عقله عند علمه لأنه لايدرى ما وراء الأقدار من الحكم والأسرار قال تعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ…»..
لذا يجب أن نؤمن بالقضاء والقدر في كل ما يحصل من مصائب وما ينتج عنها، وأن الأمر كله لله، وهذا يبعث في النفوس الطمأنينة والتعاطي مع أي ظرف صعب بايجابية مع الأخذ بالأسباب لحل المشكلة مع حسن التوكل على الله، قال تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)،
إن المشاهد للأحداث وكل ما يحيط بالناس من إحباطات في حياتهم تجد بعضهم يشعر بالتشاؤم والتضجر وعدم التفاؤل بأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم، فالإنسان المتفائل دائمًا يتوقع الخير على الدوام، وتكون فرصته في تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي أكبر من غيره، لأنه ينظر إلى الحياة بمنظار إيجابي وأكثر إشراقًا واستبشارًا بالمستقبل وبما حوله، بينما المتشائم يتوقع الشر واليأس والفشل وينظر إلى الحياة بمنظار سلبي.
قرأت منذ فترة “أن هناك علاقة إيجابية بين التفاؤل وصحة الإنسان، والتشاؤم يعمل على وجود الأعراض الجسمية والنفسية”، وكشفت دراسة: “أن الإنسان الأكثر تشاؤمًا لديه مستوى عال من ضغط الدم أثناء النهار وفي المساء خلال فترات النوم، وأن التفاؤل عملية نفسية إرادية تولد أفكار ومشاعر الرضا والتحمل والأمل والثقة، وتبعد أفكار ومشاعر اليأس والانهزامية والعجز”..
فالمتفائل يفسر الأزمات تفسيرًا حسنًا، ويبعث في النفس الأمن والطمأنينة، وينشط أجهزة المناعة النفسية والجسدية، وهذا يجعل التفاؤل طريق الصحة والسعادة والسلامة والوقاية.
*ترويقة:*
رسالة إلى كل إنسان يريد أن يعيش حياة مستقرة عليه أن يتقبل الواقع الذي يعيش فيه ويتعايش معه، ومع التغيير الذي يحصل له بإيجابية، فإن لم يقبله سيعيش في تعب وحزن وإحباط وسيصعب عليه بعد ذلك الخروج من هذه الحالة..
ليس كل سوء سوءًا محضًا، فكم من أمورٍ تظنها سوءًا وما تلبث إلا وتعلم أنها تحمل من الخير الكثير، وكم من أُناسٍ أحالوا المحن منحًا وصنعوا بها المعجزات.
*ومضة:*
في رابعة النهار أرى بين طيات المحن تأتي المنح، قال عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له).
*كُن مُتَفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*