أرقد بسلام يا صاحب الابتسامة
✍ صالح الريمي :
تتبعثر الكلمات وتتنافر الحروف عندما تكتب عن رجل طيب سكن القلوب، وأحبته النفوس، رحل عنا بالأمس وتركنا نتجرع ألم الفراق، رحل العم والأخ والصديق والجار العزيز صالح الحمدي فأبكيتنا برحيلك يا صاحب القلب الأبيض والابتسامة المشرقة الدائمة، والرجل العفوي صالح الحمدي رحمه الله تعالى..
فكلما قابلته، يقابلني بود وابتسامة عريضة، يرحب بي بصدر رحب، يحكي الحكاوي، يتحدث بعفوية مطلقة وببساطة لتفهم مقصده من الحديث، يواصل الناس في أفراحهم وأتراحهم، ويسأل عن أحوالهم ويزور مرضاهم، هكذا عاش محبوبًا بين أهله وأصدقائه وجيرانه حتى غزا جسده النحيل مرض السرطان قبل عدة أشهر فجعله طريح الفراش يصارع ألامه، لتأتي ساعة الرحيل وخروج الروح إلى باريئها مودعة عالم الحياة.
منذ نعومة أظفاري عرفته رجلًا باشًا مبتسمًا مازحًا لا تفارق الكلمة الطيبة لسانه وشفتيه، أحبه الصغير قبل الكبير فكان مثالًا للطيبة والسماحة، رحل قلب لم يكن له مثيل في الحنان والعطف، فلم نفقد إنسانًا عزيزًا فحسب، بل فقدنا قلبًا حنونًا في زمن كادت تتلاشى فيه القلوب النقية الطيبة..
وكثيرًا ما تعود بي أفكاري إلى ماض جميل، فأتذكر عندما كنت طفلًا كلما أراه أركض لأرتمي في حضنه الدافئ حيث كان يغدق عليّ بشلالات الدلال والحنان والحُب، وكيف كنّا نجتمع حوله ليقص علينا أحلى القصص ويسافر بنا إلى عالم من الخيال والتشويق.
إنه لم يكن كأي رجل، كان رحمه الله بطيبته وحنانه ورقته يفرض احترامه على كافة من حوله كبارًا كانوا أو صغارًا، كان يداعب كل من أقبل عليه من الأطفال والشباب، ولا أذكر أن رأيته يتحدث مع أحدهم يومًا إلا وتلك الابتسامة مرسومة دائمًا على شفتيه، وتلك البشاشة تضيء تضاريس وجهه، وذاك الحُب يتهافت من عينيه..
صالح الحمدي مثلك لا يموت أبدًا، مثلك يستمر ويبقى في ابتسامات أولئك الذين أدخلت السعادة إلى نفوسهم، وفي قلوب من أحبوك، مثلك يستمر دومًا في دعواتنا وصلواتنا، ويبقى عزاؤنا أن مثلك لا يودع الحياة إلا إلى حياة أبهى وأجمل وأبقى.
*ترويقة:*
كلمات الرثاء ليست كافية لتسحب الدمع من الأعين، وتملأ القلوب حزنًا، رحمك الله وأحسن مثواك، فاليوم قد وضعت رحالك عند رب كريم رحيم عظيم، ولهذا نقدم خالص العزاء والمواساة لأسرتك الكريمة ونحن محزونون على فراقك، فالمصاب مصابنا جميعًا، والفراق يعز علينا جميعًا، ولا تقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
*ومضة:*
أرقد بسلام يا صاحب الابتسامة الجميلة والقلب الحنون، واسأل الله أن ينزل عليك رحمة لا منتهى لها، ويجمعنا بك في جنات الخلد بإذن الله تعالى.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*