الأبعاد الجيوبولتيكية لمخططات التهجير والإذابة لتفريغ قطاع غزة من سكانها الفلسطينيين وتداعيته علي الأمن القومي المصري

أ.د / عمر محمد علي محمد

 

القيادة المصرية بقيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والقوات المسلحة المصرية الباسلة لن تقبل بأن يقتطع حبه رمال من الأراضي المصرية ، أن مصر تؤكد على حقوقها و ثوابتها وتدافع عن أرضها، وتدافع عن مبدأ رفض تهجير الفلسطينيين في سيناء.

أولاً : الأبعاد الجيوستراتيجية لمخططات التهجير والإذابة لقطاع غزة من سكانها الفلسطينيين

جاء القرار المصري الصارم والحازم علي التأكيد علي أن مصر أقرت واقعا سياسيا بأنه لا تهجير ولا تسكين للفلسطينيين بسيناء وأن التهجير لسكان القطاع خط أحمر للدولة المصرية …ومن يحدد الخطوط الحمراء هو الذي يمتلك القوة التي تحميه وهالك لا محاولة من محاولة الاقتراب من حدود مصر براً وبحراً وجواً ..ومما سبق يمكن تحليل الأبعاد الجيوستراتيجية لمخططات التهجير والإذابة لقطاع غزة من سكانها الفلسطينيين علي النحو التالي :
1. التأكيد على رفض تصفية القضية الفلسطينية ، كما أن المشروعات الصهيونية بالنسبة لسيناء، مشروعات قديمة ويعاد تجديدها وتدويرها من آن لأخر، ولكن مصر على وعي كامل ومدركة لطبيعة ذلك.
2. إدراك القيادة المصرية لأبعاد المخطط الإسرائيلي، ورد الفعل القوي الذي انعكس من خلال التصريحات التي أدلى بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتهديده دولة الاحتلال الإسرائيلي بالحرب في حال تنفيذها للتهجير القسري للفلسطينيين، تخلى أيلاند عن مخططه .
3. على ضوء المعارضة المصرية القطعي رسميًّا وشعبيًّا لفكرة تهجير الفلسطينيين قسريًّا إلى سيناء، لجأ عدد من الباحثين في دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى طرح فكرة جديدة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، وهي فكرة :
4. “الإذابة”، بمعنى دمج الفلسطينيين داخل مجتمعات الدول المحيطة بالقطاع (مصر، والسعودية، والأردن)، حيث طرح أمير وايتمان، ودعا من خلال ورقة بحثية إلى دمجهم داخل المجتمع المصري، وإذابتهم بين أبنائه في مدن الدلتا والعاصمة، زاعمًا بأنها خطة مستدامة ذات جدوى اقتصادية عالية، تتوافق جيدًا مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل ومصر والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية.
5. أن خطورة الورقة البحثية التي تَقدَّم بها “وايتمان” تتمثل في أنها تدعو إلى إذابة الشعب الفلسطيني، ودمجه في شعوب أخرى، ولم يكن من قبيل المصادفة أن تعلن إسكتلندا- بعد مرور أيام قليلة على حرب غزة- استعدادها لاستقبال لاجئين فلسطينيين على أراضيها، هذا النموذج قد يكون قابلًا للتنفيذ مستقبلًا، لا سيما بعد هدوء المنطقة.
6. بعد الفشل الزريع لدولة الاحتلال في الترويج لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، لجأت إلى مخططات الإذابة من خلال نقل الفلسطينيين إلى داخل مجتمعات الدول المحيطة بالقطاع، ودمجهم وسط أبنائها، وإما إلى مخططات التهجير الطوعي، وفتح المجال أمام الفلسطينيين للهجرة إلى أماكن مختلفة في العالم، تحت غطاء البحث عن الاستقرار، والأمن الشخصي والاقتصادي.

ثانياً : الخلفية التاريخية و الجيوبولتيكية لتفريغ قطاع غزة من سكانها الفلسطينيين

خلقت إسرائيل دليلًا قاطعًا مكتوبًا بالدم والمعاناة على نطاق غير مسبوق، على خليفة سياسة استراتيجية التفريق بين غزة والضفة الغربية وتعميق الخلاف والصراع بينهم ، وهي القبول بوجود نظام حركة حماس، بل تعزيزه، بوصفه جزءًا من استراتيجية التفريق بين غزة والضفة الغربية ، مما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني وضياع حقوقه ، ويمكن للقارئ توضيح بعض الحقائق التالية :
1. أن الواقع والواجب الوطني و التاريخ شاهد علي ماقت به القيادة المصرية من مئات المحاولات التي تمت في القاهرة برعاية الصقور المصرية لتأكيدهم أن الاختلاف والتفرقة لايصب في مصلحة القضية الفلسطينية ..ولكن للأسف الشديد كانت قيادات حماس تتفق علي جميع البنود أثناء المفاوضات والمناقشات بالنهار …ويأتي اليوم التالي للتوقيع علي ما تم الاتفاق عليه ..وإذا بهم يتغيرون ويغيرون كل ما تم الاتفاق عليه ..بعد وصول التعليمات من التنظيم الدولي للخرفان ودولة الملالي وعيرهم …لأن بقاء القضية الفلسطينية بدون حل سوف يحرمهم من ملايين الدولات سنويا ويحرمهم من الجهاد و الحياة المرفهه هم وأسرهم في الفنادق الفاخرة .
2. لم تكن مخططات التهجير لدولة الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وليدة الحرب الأخيرة، بل إنها أسقطت ورقة التوت التي كانت تتخفى وراءها الحكومات لدولة الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة لإيجاد حل لمشكلة غزة التي تُعد قنبلة شديدة الانفجار، تتفجر في وجه دولة الاحتلال الإسرائيلي من حين إلى آخر، لا سيما بعد الانسحاب منه منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، فيما يُعرف بخطة فك الارتباط في 2005.
3. كما أن مشروع التهجير بدأ منذ عهد رئيس الوزراء لدولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، ويهدف إلى تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين بالضفة الغربية إلى الأردن ودول أخرى، وتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء ودول أخرى. وكشف أنه في عام 2008 تقدمت إسرائيل بمشروع للرئيس الراحل محمد حسني مبارك، بمنح مصر 600 كم2 بمحاذاة قطاع غزة لنقل الفلسطينيين إليها، مقابل أن تحصل مصر على 600 كم2 بصحراء النقب بجوار منطقة “العوجاء” ولكن هذا المقترح تم رفضه رفضا باتا وقاطعا، ثم عادت دولة الاحتلال الإسرائيلي وتقدمت بالمقترح مرة أخرى في العام 2014 ولكن أيضا رفضته مصر رفضا قاطعا، ولكن “إسرائيل ظنت أنه في ظل الظروف الحرب الإجرامية على قطاع غزة، يمكنها تهجير سكان قطاع غزة قسريا إلى سيناء كما أعلنوا في الأول الأمر ثم قالوا إلى أي دولة أخرى”.
4. لم تكن مخططات التهجير لدولة الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وليدة الحرب الأخيرة، بل إنها أسقطت ورقة التوت التي كانت تتخفى وراءها الحكومات لدولة الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة لإيجاد حل لمشكلة غزة التي تُعد قنبلة شديدة الانفجار، تتفجر في وجه دولة الاحتلال الإسرائيلي من حين إلى آخر، لا سيما بعد الانسحاب منه منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، فيما يُعرف بخطة فك الارتباط في 2005.
5. ففي السادس من مايو عام 2004، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تفاصيل خطة (أيلاند)، التي تنص على تخصيص مصر مساحة 600 كيلومتر مربع للفلسطينيين، بطول 30 كيلومترًا على طول الحدود الإسرائيلية المصرية، وعرض 20 كيلومترًا داخل عمق سيناء، بما في ذلك الشريط الساحلي في مدينة العريش. في المقابل، تحصل مصر على مساحة بديلة تبلغ 200 كيلومتر مربع من صحراء النقب، بالإضافة إلى نفق يربط مصر بالأردن بوصلة برية تحت السيادة المصرية. في المقابل، سيُتاح للأردن حرية الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر النفق البري وميناء غزة، كما ستحصل المملكة العربية السعودية والعراق على إمكانية الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط بالطريقة نفسها.
6. إيجاد حل جذري للتخلص من قطاع غزة بهدف إعفاء دولة الاحتلال الإسرائيلي من مسؤولياتها، بوصفها دولة احتلال، مع أن القطاع ما زال قابعًا تحت وطأة الاحتلال. ومن بين تلك المحاولات المخطط الذي طرحه العميد جيورا أيلاند رئيس هيئة الأمن القومي آنذاك، والذي تزامن طرحه مع عرض خطة الانفصال لدولة الاحتلال الإسرائيلية عن قطاع غزة في أثناء حكومة أرئيل شارون.
7. وسبق أن نشر (معهد دولة الاحتلال الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمي)، تحت عنوان “اليوم التالي لحرب غزة 2023- بناء بنية تحتية للدولة الاقتصادية في غزة بوصفه جزءًا من النظام الإسرائيلي الفلسطيني في سياق التعاون الإقليمي”، للحديث عن ضرورة عدم الاكتفاء بالرؤيتين العسكرية والسياسية في إدارة الحرب، ولكن ينبغي الدمج بين الرؤى السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتقديمها مجتمعة للقوى الدولية والإقليمية، مؤكدًا أن الصدمة الكبيرة التي أحدثها هجوم السابع من أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، أنتجت خطابا مملوءًا بمشاعر الغضب في إسرائيل، ونفذت كتائب القسام- الجناح العسكري لحركة حماس- في ذلك اليوم عملية التي أدت إلى مقتل 1400 إسرائيلي، وأسر آخرين، وبدأت القوات الإسرائيلية بعدها بشن عمليات قصف عنيفة أدت إلى مقتل أكثر من 18 ألف فلسطيني، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 49 ألفًا آخرين (حتى وقت كتابة هذه الدراسة، مع الإقرار بصعوبة الإحصاء الدقيق لعدد الضحايا، مع استمرار القصف الإسرائيلي العنيف)، وقد أدى ذلك وفقًا له إلى ظهور تيار يطرح خيارات منفصلة عن الواقع فيما يتعلق باليوم التالي للحرب.

ثالثاُ : الأبعاد الجيوبولتيكية والاستراتيجية لمخططات الإذابة وتأكيد الرفض الشعبي والرسمي المصري لتفريغ قطاع غزة من سكانها الفلسطينيين

1) أدي التأكيد علي الرفض المصري الصارم و التام لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء دفع حروب الحرب المجرمة إلى احتواء الغضب والرفض الشعبي المصري، وهو ما انعكس عليهم الأنكار العلني لأي نية لدفع الفلسطينيين إلى مصر”، وذلك من خلال القنوات العلنية والسرية، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تسعى إلى دفع الفلسطينيين نحو مصر ، لأن التحرك البري المتوقع، وتفاقم الوضع على الأرض، قد يزيد صعوبة الأمر للدول العربية التي تقيم علاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، والضرر الذي يلحق بالعلاقات مع مصر قد يؤثر في دول أخرى، وعلى رأسها في المقام الأول الأردن.
2) الرفض المصري المصري والأردني الصارم والحازم الرؤية الصهيونية المتعلقة بدفع سكان القطاع للنزوح والتهجير القسري إلى دول الجوار الجغرافي. وسرعان ما أصبح هذا الموقف المصري، والأردني، مدخلاً مهماً في تطور الموقف الدولي الذي أصبح أكثر قبولاً لرفض فكرة التهجير القسري للفلسطينيين، خاصة بعد أن لقى الموقفان المصري والأردني دعماً عربياً واضحاً كما عبر عن ذلك البيان الختامي للقمة العربية- الإسلامية في ١١ نوفمبر ٢٠٢٣.
3) وتأكيد لدور القاهرة فقد استقبلت مصر مئات الآلاف من سكان غزة وفق معايير تتعلق بالظروف الطبية والإنسانية، أو حاملي تصاريح الهجرة والدراسة في الخارج وغيرها وسيقيم هؤلاء في الأراضي المصرية لفترة زمنية محدودة في بداية العام قبل الانتقال إلى دول أخرى حيث سيحصلون على وضع خاص”.
4) التأكيد علي موقف القيادة السياسية المصرية على خيار حل الدولتين ، فقد أكدت المفوضية الأوروبية ضرورة التأسيس لوجود سلطة فلسطينية واحدة فقط ودولة فلسطينية واحدة، تكون غزة جزء أساسياً منها، مع ضمان تقليص الوجود الأمني الإسرائيلي بالقطاع بحيث لا يكون وجوداً طويل الأمد، بالإضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وكذلك رفض سياسة الحصار المستمر على القطاع، مع ضمان توفر المقومات الاقتصادية لدولة فلسطينية مستقبلية قادرة على البقاء.
5) الرفض التام والثابت من القيادتين المصرية والأردنية كل العروض التي قدمت في هذا الأمر أيا كانت، وتم رفضها ومازالت وستزال مرفوضة رفضا قاطعا، فكل ما تقوله إسرائيل وبعض ما يردده بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي “وليس الكونغرس الأمريكي نفسه” هي اقتراحات فقط،
6) نجاح الدبلوماسية المصرية في لفت أنظار العالم بأن يكون هناك مخارج أخرى في التعامل مع القضية الفلسطينية بكل تفاصلها، وتطوراتها على الأرض.
7) ضمان الاستقرار الاقتصادي، والأمني، والسياسي، على المدى الطويل، بعد العملية العسكرية في غزة، من الضروري الجمع بين خطة الطفرة الاقتصادية وترتيبات الدولة، في إطار تعاون إقليمي شامل
8) أن انتهاء الحرب في غزة دون حل وفقًا لهذه المبادئ التوجيهية، يعني إعادة التخلي عن القطاع أمام القوى المتطرفة في المجتمع الفلسطيني، والعودة إلى نقطة البداية مساء يوم 7 أكتوبر وهي الفوضى وعدم الاستقرار
9) العمل علي تقوية السلطة الفلسطينية بما فيه الكفاية للمجيء إلى غزة بمساعدة من الدول العربية، مثل مصر، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وغيرها لمنحها الحزمة المالية لإعادة بناء ما هُدّم”.
10) نجاح القيادة السياسية المصرية بقوة و مهارة واقتدار في إقرار “رفض فكرة التهجير”، ونقلت الصورة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث انتقل الحديث بعدها إلى نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى مثل: قبرص أو إلى خارج المنطقة مثل أستراليا وكندا ودول أخرى باعتبار أن هذه هي مسؤولية المجتمع الدولي، أو مسؤولية دولة جوار كمصر بالنسبة لقطاع غزة أو الأردن فيما يتعلق بالضفة الغربية.
11) أن موقف القيادة السياسية المصرية لقضية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ينبع من فهم أن تدمير القطاع مستمر ومن الافتراض بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي ستمنع إعادة الإعمار ووصول المساعدات الإنسانية، الأمر الذي سيجعل الحياة في غزة أكثر صعوبة .
12) نجاح القيادة المصرية منذ الوهلة الأولى في الكشف والتصدي للمخطط الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، من خلال الممارسات الوحشية ضدهم في القطاع.
13) أن انتقال الغرب مبكراً، وتحديداً الولايات المتحدة، إلى طرح سيناريوهات حول اليوم التالي للحرب، يأتي في إطار محاولتها في اللحظة الراهنة تخفيف ضغوط الرأي العام العالمي بسبب الدعم الغربي اللامحدود للعمليات العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، حيث أصبح يتعزز لدى الإدراك الغربي، في ظل اتساع حركة الاحتجاج العالمي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، أن غياب أهداف عملية قابلة للتطبيق للعمليات العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ضد القطاع يقوّض شرعية هذه العمليات، وكذلك شرعية الدعم الغربي المقدم لها، وهو ما تحاول أن تتلافاه وتخفف من آثاره عبر طرح تصورات وسيناريوهات مفترضة لليوم التالي للحرب، فضلاً عن إمكانية استكمال العمل على هدف “القضاء على حماس” من خلال حشد دعم إقليمي ودولي حوله.

رابعاً : السيناريوهات الجيوبولتيكية لتفريغ قطاع غزة من سكانها الفلسطينيين

تعني السيناريوهات الجيوبولتيكية لتهجير الفلسطينيين تصفية القضية الفلسطينية من أصولها حيث أن المكون البشري أو السكاني يعد أحد مجالات الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، نوجها فيما يلي :
1. وسط تلك السيناريوهات الجيوبولتيكية التي تهدف إلى تفريغ قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين، خلال ذروة العمليات العسكرية داخله، طرح العقيد (احتياط) شاي شبتاي، الباحث في مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية (BSA)، وخبير الأمن القومي والتخطيط الاستراتيجي والاتصالات الاستراتيجية، في سياق ورقة بحثية، تحت عنوان “الاستعداد لنقل السكان من جنوب غزة- الحل المحتمل هو إنشاء مخيمات تديرها الولايات المتحدة في النقب”، طرح مسألة نقل سكان قطاع غزة مؤقتًا إلى منطقة النقب، إلى حين الانتهاء من الحرب على قطاع غزة، والقضاء على حركة حماس.
2. أن الواقع العملي يشير إلى أن الفلسطينيين من قطاع غزة الذين كانوا خارج القطاع عادوا على الحدود من أجل العودة إلى قطاع غزة، من أجل الدفاع عن أرضهم والاطمئنان عن أهلهم.. الفلسطينيون الذين أجبروا على ترك منازلهم إلى شمال غزة عادوا ورفضوا الخروج وقاموا بإنشاء مخيمات مكان بيوتهم المدمرة، لأن القيادات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية رفضت عملية التهجير لأنها تصفية للقضية الفلسطينية.
3. أن تهجير الفلسطينيين يعني فتح مجال لتصفية القضية الفلسطينية من أصولها حيث أن المكون البشري أو السكاني يعد أحد مجالات الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ، من خلال ظهور بوادر جديدة يمكن من خلالها حل مشكلات القطاع نهائيًّا، بما يضمن الأمن والاستقرار ليس لدولة الاحتلال الإسرائيلي ائيل والأراضي الفلسطينية فقط؛ بل لربوع منطقة الشرق الأوسط؟
4. تظهر الخرائط توزيع الكثافة السكانية في منطقة شمال قطاع غزة التي أمر الجيش الإسرائيلي قاطنيها بالإخلاء وسط وجود ترجيحات اتجاه إسرائيل نحو الهجوم البري.
5. كما عكست الخرائط كثافة سكانية مرتفعة في الشمال قياسا ببقية مناطق القطاع، والتي دعت إسرائيل إلى إخلائها والتوجه جنوب وادي غزة وتمتد مساحة تلك المنطقة، على 19 كيلومتراً تقريبا، من القطاع البالغ طوله طوله 41 كيلومتراً، ويسكنها مليون ومئة ألف شخص.
6. أما بالنسبة للمنطقة التي وردت في أمر الإخلاء الإسرائيلي الذي طالب سكان القطاع بالانتقال إليها وهي “وادي غزة” فهي تمتد من منطقة جبل شجرة البقار القريبة من مستوطنة سديه بوكر، ويمتد حتى البحر المتوسط قريبا من منطقة الزهراء في قطاع غزة الذي تراوح عرضه بين 40 مترا في أضيق مناطقه، ويتسع حتى يصل إلى 400 مترا في الساحل الغربي لقطاع غزة.
7. يقسم الوادي قطاع غزة جغرافيا إلى قسمين، شمالي وجنوبي وتضم المنطقة الجنوبية للوادي عشرات البلدات والأحياء والمخيمات الفلسطينية، من بينها النصيرات ودير البلح والبريج والمغازي وخان يونس وعبسان ورفح.
8. ومن أجل استكمال عملية التي تنفذها دولة الاحتلال الإسرائيلي غزة، ستكون هناك حاجة إلى تنفيذ هجوم بري في جنوب غزة، وأحد التحديات الرئيسة أمام تنفيذ هذه الخطوة هو أنه بسبب حركة السكان من الشمال، فإن سكان قطاع غزة يتركزون الآن في جنوب القطاع، ومن المهم تقليل عدد السكان في غزة قبل مع النشاط العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وبالتوازي معه، وهنا يمكن ظاهريًّا توجيه سكان الجزء الجنوبي من غزة إلى ثلاث مناطق:
• عودتهم إلى شمال قطاع غزة مرة أخرى تحت رعاية الجيش الإسرائيلي وتحت إشرافه: هذا الخيار يتطلب استكمال المرحلة الأولية للاحتلال، والتطهير العرقي في الشمال، وهذا لم ينتهِ بعد؛ لذلك، فهو خيار أقل ورودًا في الوقت الحالي.
• تركيزهم في مناطق محددة في جنوب غزة: إذ يمكن إعلان مناطق محمية، حيث لن يعمل فيها جيش الدفاع الإسرائيلي إلا إذا أُطلق النار عليه، ويمكن توجيه السكان إليها، وهذا هو الخيار الأكثر ورودًا ومعقولية، لكن حماس ستستخدمه للحفاظ على بقاء مقاتليها.
• نقلهم مؤقتًا إلى سيناء: المصريون يعارضون ذلك بشدة، ويجب احترام رغبتهم. لقد كانت مصر دولة مسالمة منذ أكثر من أربعين عامًا، وفي السنوات الأخيرة اتسمت العلاقات بينها وبين إسرائيل بالاحترام المتبادل، ولا ينبغي تعريض هذه العلاقات للخطر بسبب حاجة تشغيلية مؤقتة.
• أما الخيار الآخر الذي يمكن طرحه فهو الترويج لتحرك بقيادة أمريكية، وبمشاركة دولية وإقليمية؛ لإقامة مخيمات إقامة مؤقتة لسكان غزة في النقب. وفي هذا الإطار، فإن الوكالات المدنية الأمريكية- بمساعدة تحالف الدول الغربية والمنطقة- ستُنشئ في منطقة النقب القريبة من غزة (منطقة شبتا- كاتزيوت) مخيمات إيواء مؤقتة لسكان غزة من أجل عدة أشهر حتى انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية.
• تقديم المساعدات الغذائية وكل أشكال الدعم الجيودستي والسياسي للمقيمين في المخيمات لبناء عملية عودتهم إلى غزة. وفي هذا الإطار ستُحدد العوامل الرئيسة، وسيُبنى الهيكل العام الأساسي لنظام الحكم المدني المحلي لليوم التالي، وستكون العملية محدودة زمنيًّا، وسيُعاد السكان إلى مساكن مؤقتة في غزة، مع خطة واضحة، ومساعدة مالية فردية لإعادة تأهيلهم. وشرط ذلك هو استكمال العملية العسكرية في شمال غزة، والموافقة على البدء بإعادة المواطنين إلى الشمال، ومن أجل خلق تناسق في الموقف الدولي تجاه المدنيين في مناطق الحرب، في نفس وقت هذه الخطوة، سيُبنَى أيضًا برنامج دولي يساعد على إعادة تأهيل المستوطنات في غلاف غزة، وإعادة السكان إليها.
• بسعي رئيس وزراء دولة الاحتلال وائتلافه الحكومي المتطرف لتحقيق انتصار يحافظ على مكانته السياسية التي اهتزت نتيجة عملية “طوفان الأقصى”، ومحاولة إعادة ترميم معادلة الردع التي نالت منها عملية “طوفان الأقصى”، فإن ذلك من شأنه أن يزيد من تكلفة الدعم الغربي لهذه العمليات التي ينتج عنها انتهاكات وجرائم حرب تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني .

وصفوة القول فأن الطرف الأهم والأقوي في المعادلة الدعم المصري المطلق سواء كان دعم سياسي أو تقديم المواد الغذائية أو الدعم الدبلوماسي علي المستويين الإقليمي والدولي للشعب الفلسطيني، الذي لا يرى بديلًا عن التخلي عن أرضه سوى الاستشهاد، وهو ما ينسف جميع المخططات الإسرائيلية، سواء التهجير أو الإذابة؛ لذا يجب توجيه مزيد من الدعم الاقتصادي للشعب الفلسطيني عقب انتهاء الحرب، لأن هذا الدعم سيكون كفيلًا بوأد أي مخططات بتهجير الفلسطينيين- سواء أكان قسريًّا أم طواعيةً- من قطاع غزة.

هذه الأفكار التي يتم طرحها في وسائل الإعلام العبرية والغربية ومراكز الأبحاث الغربية بعيدة عن أرض الواقع لأن القيادة المصرية لن تقبل والجيش المصري لن يقبل بأن يقتطع أحد جزءا من الأراضي المصرية لأن من يرسم خطاً أحمر قادر علي محو كل من يقترب من حدود مصر ..وهالك لا محالة مجرد التفكير أو اللعب مع أسود القوات المسلحة المصرية …هناك لا محالة محاولة الأقتراب من الحدود المصرية شمالاً وجنوباً ..شرقاً وغرباً ….وماخفي كان أعظم ………. نحن علي الحق المبين وتحيا مصر بسواعد أبنائها المخلصين الشرفاء …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى