*هل تصدق أنك ملك؟*
✍ صالح الريمي :
يقول لي أحد أقاربي دعوت الله سنين كثيرة أن يرزقني الله رزقًا يذهب فقري، ومنه أسدد ديني، وأعيش حياتي مثل باقي الناس، سألته كم لك لم تذهب إلى المستشفى؟ فقال الحمدلله لم أذهب منذ سنوات، سألته سؤال آخر، هل أنت متزوج وعندك أطفال فقال نعم، سألته سؤال ثالث هل تملك سيارة وبيت يؤويك أنت وعائلتك؟ فقال ولله الحمدلله نعم، هل أنت بلا عمل أو ظيفة؟ فقال ولله الحمد موظف لكن راتبي قليل..
قلت له هل تصدق أنك ملك من ملوك الأرض؟
فقال كيف وأنا فقير وعليّ ديون وراتبي لا يكفي مصاريفي، قلت له لقد ذكرت لي نِعم كثيرة لو عرفها الملوك عنك لقاتلوك عليها بالسيوف.. انتهى الحوار.
يعتبر الرزق من أكثر المواضيع الحساسة في حياة النّاس كافةً، وقد خلق الله الإنسان وهيأ له من الأسباب ما يضمن بقاءه على هذه البسيطة، ولأجل ذلك سخر الله سبحانه الأرض وما عليها من دواب وأنعام وجماد للإنسان وهيء له كل السبل والطرق التي تساعده على استغلال الأرض واستخراج ما فيها من الخيرات، ولهذا قد خلق الله الإنسان وساق له رزقه المكتوب له أينما كان، ولا يرتبط الرزق بالمال فحسب؛ بل يرتبط بكافة مناحي الحياة التي يحتاجها الإنسان..
كمثال الصحة رزق، الأبناء رزق، الصحبة الصالحة رزق، الزوجة الصالحة رزق لزوجها، الزوج الصالح رزق لزوجته، الوالدان رزق، الإيمان رزق، العمل الصالح الذي يعمله العبد رزق، أصدقاء طيبين رزق، طمأنينة وراحة بال رزق، نومه هنية رزق، سقف يقيك الحاجة والذل رزق، منظر يسر خاطرك رزق، عطر يغير مزاجك رزق، شخص يحبك ويتحمل أخطائك رزق، كلمات جميلة تقرأها وتسمعها صباح مساء رزق، حنان أم واهتمام أب وتضحية زوج رزق، ولد صالح يدعو لك رزق.
*ترويقة:*
يقول أحد المفسرين:
يكمن الفهم الخاطئ في قصر مفهوم الرزق على المعنى المادي المتمثل بالمال أو غيره، بينما الحقيقة التي تشير إليه النصوص الشرعية من الكتاب الله والسنة، تؤكد شمول معنى الرزق في الإسلام المادية والمعنوية..
وذكر لفظ “الرزق” في القرآن الكريم 123 مرة، وكما جاء بمعنى الرزق المادي من مال وطعام ومطر، جاء بمعنى معنوي في أكثر من موضع، كمعنى الثواب في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، أي: يثابون على ما قدموا من أعمال وتضحيات.
*ومضة:*
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من بات آمنًا في سربه، معافًا في بدنه، يملك قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها).. يا رب أجعلنا من أعظم خلفك نصيبًا، وهب لنا في كل خير تقسمه، وفي كل نور تنشره، وفي كل رزق تبسطه، وفي كل ضر تكشفه، وفي كل بلاء ترفعه..
اللهم أرزقنا رضاك، فأنت خير الرازقين.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*