الأنقياء الأتقياء في زمننا مظلومين

✍ خالد غواص: 

نحن البشر من دمرنا الحياة وقلبنا الموازين نقول على اللص والعيار الذي يأكل مال هذا ويظلم ذاك ويسب الأخرين ويتمسخر عليهم نقول عنه رجل لا يشق له غبار هذا شيطان هذا مش سهل بالعامية نقول صراط أعطيناه الأمان والأهلية للإستمرار في غيه ومساره القبيح ، نمدح من لا يستحق المدح نذم من لا يستحق المذمة ، نقول على الصادق النقي على نياته وعلى الكذاب الفاجر رجل يعتمد عليه يعرف كيف يخلص نفسه ، نحن فعلا من قلبنا فطرة الحياة وسلميتها
نحن من أنتهكنا حياة الأمنين الصادقين ووصمناهم بأنهم لا يهشون ولا ينشون في حالهم ليترسخ في ذهن من لا يعرفهم بأنهم في حالهم بسطاء مساكين وأنتهجنا معايير للتقيم معايير كلها قائمة على الدجل والكذب والنفاق وعدم المصداقية
نقول على المميز في أي مجال كان علمي أو تجاري أو إجتماعي ونحن نعلم جيدا بأنه مميز ولكي نقلل من تميزه نقول عنه مجتهد حتى نرسخ ونوحي للمتلقي الغبي بأنه لا يوجد لديه شئ لو لا إجتهاده ولو لم يجتهد لن يكون هكذا وكأننا نحن بالسليقة وبكل تلقائية وبدون إجتهاد منا سنتمكن بأن نتفوق عليه ونكون أفضل منه ،
علما من أن كلمة مجتهد ليست سيئة فلولا الإجتهاد لما شاهدنا الطب يتقدم ولا الصناعة تتقدم ولا أيا من العلوم الأخرى تتقدم ولا يتقدم الإنسان عموما مهما يكن الإ بالإجتهاد والمثابرة ،
نحن فعلا من قلبنا الحياة فوق تحت وبعد ذلك نبكي ونلوم بعضنا البعض ونلوم الزمن بعد أن أشبعناه ظلم وتلوث عقلي ومعرفي ومعنوي جاعلين منه شماعة نعلق عليها ما أقترفناها من أخطاء ، نحن البشر ظلمنا الأخرين فظُلِمت الحياة في أعيننا وسحبت علينا كل ما نراه اليوم من سلبيات وسلوكيات خاطئة فيها ،
نتحدث عن الماضي ورجال الماضي وكأنهم من فتحوا السند والهند إفريقيا والصين ونشروا القيم والأخلاق والإسلام وهم لا يقرؤون ولا يكتبون أناس أميين مداركهم بسيطة وحياتهم بسيطة جدا مقارنة بحياة اليوم وما يعتريها من تحديات ومصاعب ومتطلبات زمان يعيشون على نار الحطب وحياتهم تمشي ، اليوم على نور الكهرباء فإذا أنقطع هذا النور صارت هناك مشكلة والمشكلة أن لم تتوفر لديك نقود لإعادة النور أصبحت مكشوف للجميع وأنتظر الكلام وتشمت الأخرين بك ،
زمان كل همهم حيواناتهم وكيف يأكلون ويشربون نظرا لزمانهم وحقبتهم التي كانت بسيطة وهي من فرضت عليهم ذلك وإذا كانت هناك مشاكل مع الغير كيف يحلونها أو يثأرون لها أناس عاديين بما تحمله الكلمة من معنى ، ونحن هنا لا نعايرهم بذلك ولكن هذه حقيقية ففي زمانهم لم يكن هناك نهضة ولا تعليم ولا مدارس وكانت حياتهم كما أشرنا سابقا بسيطة جدا ، أحدهم يخبرني عن جده وعدله ويمجد فيه حتى ظننت لوهلة بسيطة أن شبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد عاد بعدله وجبروته في الحق ومناصرته له ، ولكن تداركت الأمر وعرفت أن ذلك زمن الصحابة رضوان الله عليهم الذي لا يمكن أن يتكرر وهذا زمن القرن الحديث ، ويجوز أن يكون جده عادل ولكن أنا هنا أعطي أمثلة للتقريب فقط
البعض ممن يمجدونهم يفتقرون لأبسط معاني الإنسانية وقيم الأخلاق والدين .
الوقوف على التاريخ سواءً المكتوب منه أو الشفهي المنقول والتأمل والتفكير فيه ليس خطأ تفاديا لأهواء ونزوات بعض المؤرخين والناقلين ،
لن تصلح حياتنا نحن البشر مطلقا ونحن مستمرون في هذا العبث وهذا النهج البغيض الثقيل على النفس ولن تتغير ما لم نتغير نحن البشر ، ونعطي كل ذي حقا حقه سواء بالثناء أو بالإستياء وإصلاح هذا الأمر كله هو الرجوع والتمسك الصحيح بديننا وتعاليمه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى