مجاملة الأفاعي جريمة
من كتاب عجائب الدنيا الثمانية
✍محمد ابراهيم الشقيفى :
إن عناق الأفاعي يخالف مبادئ الطبيعة لا تتركها حرة طليقة فتداعبك لتلتف حول عنقك حتى تلتهمك الخيانة وتمزق أنسجتك بلا شفقة فتستسلم دون مقاومة لتفارق الحياة .
كيف تمنح السلم والود وتأمن لخائنة بعد مكرها الذى طال من الدهر أزمان لا تراوض الأفعى بالدار تخلص من بطشها ثم إرفع القبعة دون أنحناء وخذ التحية من أمثالك الأبطال قبل غداً فإن سمها يسرى فى دماء الشهداء بشدة الإعصار .
ظاهرها الرحمة وباطنها النار تلتهم الصدقة وتقطع الأوتار غذائها غمزات الشيطان تهمس إليك تتغزل بين يديك تتمتع بالدهاء نظراتها تخترق غشاء القلب لا تجعل روحك تخاطبها بغريزة الطيبة فهى بمثابة اللصة الخبيثة لاتأخذك بها شفقة ولا رحمة.
انصت بهدوء تام واستمع لصوت الناى ستخرج الأفعى قبل الثعبان من الجُحر سترى حقيقتها لا تخشى لدغتها واقطع رأسها بلا رحمة، لا تتركها تعبر فى سلام وسكينة أنزع منها الإستقرار والطمأنينة هى تعلم أنك مسالم غير مشاكس تنظر إليك ببريق العين لتستعطفك وأنت على مشارف الموت البطيء تعطيها الأمان تستدرجك بالسم المعسول ولسان لعوب لاتتعجب من كونها جائعة وترفض الطعام لانك الصيد الثمين الرغبة المستهدفة والوجبة المشبعة.
تبث السم في إناء الحليب بقدر أنملة كل فجر صباح وأنت تعتاد وتتجرعه دون أن تحتاط .
وفجأة وأنت فى ثبات عميق لتكن ساعة الصفر لتظهر الحقيقة التى اختبأت خلف الكواليس قرينتك السوء تستهدف روحك وتهدم مسكنك الأنيق تمتص من جسدك الرشيق أوعية دماءك حتى تبتلعك دون مقاومة لا تنظر إلى عيونك المغمورة فى أمواج البكاء أنيابها مثل الأشباح مخيفة تنقض عليك لتأخذ من أوردتك سر السعادة والحياة لا مجال للبقاء معها فى دار واحد
لقد عظمت قدر السم وتذوقته بإرادتك ومن قبل أعطيتها الأمان
إن الهلاك قادم ولا مجال للفرار أصابك الشلل التام وارتمت السكين على الوحل لتتعجن بالطين وقد صورتك عين الأفعى الحسود وحطمت قلب عازف الناى وتجاوزت كل الحدود وبقت الأفعى العدو اللدود ثم بكت عليك جدران المكان وندبت روحك الحظ المؤلم وقالت النفس بحسرة إن مجاملة الأفعى جريمة إنسانية كبرى تخلص من بطشها واقتلع أنيابها آن الأوان أن تذبح الخائنة وتعود حر الإرادة تملك الدوار وتجلس على العرش سيدا للدار .