رجل بألف
✍محمد بن علي المحني – اليمن – القطيع :
شيخنا محمد بالفخر أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدًا جمع الله له الخصال التي وصف بها ربنا الناجين من الخسارة في سورة العصر: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، عرفناه من أهل الإيمان الصادق المبني على العلم والفقه في الدين، والذي برهانه العمل الصالح وتقوى الله عز وجل: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات)..
ماعهدنا عليه قولًا في مسألة إلا وهو عالم بها، وإما أن يقول الله أعلم، وحاشا لله أن نكون قد سمعنا منه منكرًا من القول وزورًا وهو النموذج في عفة لسانه وحلاوة منطقه وانتقاء ألفاظه رحمه الله وغفر له، بل والله إن كنّا أحيانًا لنخوض في شيء مما لا يليق أن يقال فينكر علينا ويزجرنا وينهانا عن ذلك، وهذا هو التطبيق العملي لقوله تعالى: (وتواصوا بالحق).
نعم كان هو صاحب الابتسامة المشرقة والدعابة الصادقة والمزاح البريء لكن إذا تجاوز الأمر حده لا يقف صامتًا حيال ذلك أكرم الله نزله ووسع مُدخَله، لقد عرفناه الأب الناصح الشفيق والأخ المعلم بأسلوبه اللائق، والمؤدب بعطفه وحنانه، والمربي ذا الهيبة والمروءة..
كل ذلك في صبر واحتساب وتحمل، لا يمل ولا يكل من الدعوة إلى الله بشتى أساليبها الفردية والجماهيرية العامة: (وتواصوا بالصبر).
كان لنا نعم الأخ في الله، والله على ما أقول شهيد، حتى عندما جاءت أحداث أزمة الخليج الثانية وعزم الوالد رحمة الله عليه على السفر حاول أن يقنعه بالبقاء وترك السفر وأراد يثنيه عن ذلك غير مرة، ولما وصلنا إلى البلاد أبى إلا أن يتكلف مشقة عناء السفر وجاء إلى بلادنا تهامة يسأل عن منطقتنا..
حتى وجدَنا ففرح بذلك ونحن كذلك غمرتنا الفرحة والسعادة والله بهذا الحرص منه وهذا اللقاء الذي لم نكن نتوقعه، والذي لم نجده من غيره ممن عاشرناهم وعايشناهم في صبانا ونشأتنا.
المهم وأخذنا معه في جولة في ربوع تهامة الغالية أيامًا وليالي على نفقته الخاصة أجزل الله مثوبته، ومن بعدها استمر يراسلنا كتابيًا قبل الجوالات والوسائل الحديثة ويتعاهدنا بالنصح والتوجيه ويحدِب علينا كإخوته الصغار، لقد فقدنا بموته أخًا غاليًا على قلوبنا..
ختامًا كان شيخنا محمد بالفخر رجل بألف، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، اللهم ارفع درجته وأَعْلِ مقامه في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*