تمنيت لو كنت سودانيًا
✍ صالح الريمي :
أنقل لكم قصة حقيقية وصلتني وقد حدثت لرجل كويتي مع أسرته في الطريق المؤدي من الكويت لمكة المكرمة، صاحبها يروي القصة قائلًا: كنت وأسرتي قادمين بالسيارة من الكويت في طريقنا لآداء العمرة، فبنشر ايطار السيارة..
فوقفت بجانب الخط السريع لتغييره، ولكن للأسف وجدت أن الايطار الاحتياطي فارغًا من الهواء فأسقط في يدي!! كان الجو حارًا جدًا وأنا أقف خارج السيارة والعرق يتصبب من جبيني.
كنت أؤشر للسيارات لتقف لي لكنها كانت تتعداني مسرعةً دون توقف!! واستمر الوضع على هذا الحال لمدة ثلاث ساعات تقريبًا، حتى سخنت السيارة بسبب تشغيل المكيف وهي واقفة لفترة طويلة، فأضطررت أن أوقفها وعانت أسرتي من الحر الشديد حيث كانت درجة الحرارة قد تعدت 50 درجة، وبدأ اﻷطفال بالصراخ مما جعلني أشعر بالحنق والغضب من الذين يعبروننا دون توقف.
وفجأة رأيت أحدهم يلوح ويصيح لي من الجانب الآخر المعاكس من الخط فقطعت الطريق رغم خطورته وذهبت إليه وقابلته عند السياج الفاصل بين المسارين، فوجدته أحد الإخوة السودانيين فاعتذر لي لأنه لايستطيع الوصول إلي نظرًا لان السياج يمنعه..
وبعد أن أخبرته بوضعي وأن الناس لايقفون لي، خلع عمامته من رأسه وقال لي أخلع عقالك هذا ولف هذه العمامة على رأسك بطريقة السودانيين، وسيقف لك أي سوداني يمر بالطريق.
وظل يعلمني كيف ألبسها، ولكني لم أقتنع بالفكرة فأخذت عمامته والقيتها علي ظهر سيارتي وواصلت الوقوف والتلويح للسيارات لساعتين أخرتين دون فائدة فلا أحد يكترث لي!!
ومن يأسي قلت لنفسي:
لماذا لا أجرب نصيحة السوداني رغمًا عن عدم اقتناعي بها؟ فلففت العمامة في رأسي كما علمني وبدأت في التلويح للسيارات، وما هي إﻻ دقائق معدودة، حتى توقف بجانبي أحد السائقين السودانيين.
ثم آخر، وآخر حتي وصلوا إلى خمسة، وبعضهم ترافقهم أسرهم وكان كل منهم يحضر إطار سيارته الاحتياطي ويطابقه مع سيارتي فلا يتطابق، ورغما عن عدم توافقه يظل واقفًا ولا يذهب، وأثناء الإنتظار تبادلوا العصائر والمياه الباردة مع أولادي ومع بعضهم البعض، كأننا نعرف بعض منذ سنوات، وحتي زوجتي وأوﻻدي أخذتهم واحدة من السودانيات إلى سيارتتهم المكيفة ﻷنهم كادوا يهلكون من شدة الحر.
وعندما وصلت السيارة السادسة تطابق الإطار مع إطار سيارتي وبعدها رافقتني كل السيارات لأكثر من خمسين كيلومتر حتي وجدنا أحد البناشر فأصلحنا الإطارات وبعدها ودعوا بعضهم البعض وتبادلوا أرقام الجواﻻت وذهب كل في حال سببله بطريقه..
قال الكويتي يومها بكيت وتمنيت لو كنت سودانيًا، تحية وتقدير لإخواننا السودانيين.
*تعليق بسيط:*
إذا كانت شق تمره تبعدنا عن النار وصدقة تطفئ غضب الرب وكلمتان تثقل ميزان أعمالنا وصيام يوم يبعدنا ملء السماوات والأرض عن النار ووضوء يزيل من جوارحنا الخطايا وحسنه تتضاعف لعشر اضعاف، وربما قطعة خبز تشبع فقيرًا، وربما كلمة لطيفة تعطي أملاً للغير، وربما يداك الحانية قد ترافق مسنا، لذا جرب أن تساعد غيرك لتسعد، ولست بحاجة إلى جهد لكي تكون نبيلًا..
فكيف بمن مشى في حاجة أخيه المسلم كما قال علمنا رسول الله صلى الله عليها وسلم: بأن نكون كالجسد الواحد نخدم بعضنا بعضاً، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: (لأن أمشي في حاجة أخي خير من اعتكف شهرًا في مسجدي).
*ترويقة:*
هل تريد قضاء حاجتك؟
أقضي حوائج الناس!! كما قال رسول الأخلاق صلى الله عليه وسلم: (من مشى في حاجة أخيه مشى الله في حاجته)..
فأين نحن من هذه السلوكيات الجميلة والاخلاقيات الرائعة في حياتنا وتعاملاتنا مع بعضنا؟ ففيها من التراحم والتعاون والتكافل والتعاضد الشيء الكبير.
*ومضة:*
يقول رسولي وقدوتي عليه الصلاة والسلام: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*