ميل الأربع دقائق
✍عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :
كثير من الناس يعتبرون أن حدود رؤيتهم هي حدود العالم، الحياة التي تراها في هذه اللحظة بالتحديد ليست بالضرورة هي حياتك في المستقبل، قبل عام 1954 كان يُعتقد أن أي عداء لا يمكنه أن يقطع مسافة ميل في أقل من أربع دقائق، ولكن بعد أن استطاع روجر بانستر أن يتخطى هذا الحاجز تمكن كثيرون من تكرار هذا الإنجاز البطولي في غضون أسابيع، لماذا، لأنه أظهر للآخرين ما هو ممكن وأفضل، وبعد أن اتضحت لديهم نقطة مرجعية جديدة تمكنوا من فعل ما كان يُظن أنه كان مستحيلا .
قدرتك على الاستجابة لمتطلبات تغيير العادات السلبية ليس بالعسير مطلقا، فالعادات هي أفعال تقوم بها بانتظام، والنتيجة تكون بعد القيام بأفعال جديدة وتغيير عادات، كم من سمين يبرر أن طبيعة جسمه هكذا، وكم مرة رأى من كانوا أسمن منه رشيقين لأنهم غيروا عاداتهم إلى الأفضل، وكم من متعثر في دراسته رأى من مثله من زملائه متفوقين وقد نالوا قصب السبق في وظائفهم، وكم من يشكوا من عدم فلاحه في التجارة تبصر في أموره، وغيّر من نمط تفكيره، وانتهج سبلا تفتحت معها أبواب الخيرات أمامه، فللتحول من الركود وبيئة الاستسلام والحسرات عليك أن تقوم بعمل جديد على نحو ثابت كل يوم كما يفعل الرياضيون، تنفخ به روح التجديد والمثابرة وتنشيط الهمة، تكون فيه متطلعا ومتشوقا إلى ما سيأتي به الغد من جميل العطايا .
إذا تعلمت كيف تقرأ ولم تقرأ فكأنك ما تعلمت القراءة من الأساس، كما أن علمك بحاجتك لفعل شيء مع عدم فعله يساوي جهلك.
إذا وجدت أن عندك أفكار عظيمة ما عليك إلا أن تتوكل على الله وتنطلق، وعندما تنطلق ستشعر بأنك وُلدت في تلك اللحظة، فترى الكون بمنظار جديد لم تره من قبل، فالتفكير دون تنفيذ ما هو إلا وهم يجعل صاحبه يسبح في تخدير بحر الخيال، فاصرف وقتا كافيا في التفكير، وتجول بين صنوف الأفكار، وحدّث نفسك بعزمك على تنفيذها، وابدأ بخطوتها الأولى وستقطع الطريق بمتعة وشغف تقطف فيه مع كل خطوة ثمرة نجاح طعمها مختلف .