ريموندا حوا طويل: الإبداع الإعلامي والعمل السياسي

ريموندا حوا طويل: الإبداع الإعلامي والعمل السياسي
بقلم/لطيفة محمد حسيب القاضي

ريموندا حوا طويل: الإبداع الإعلامي والعمل السياسي
بقلم/لطيفة محمد حسيب القاضي
صدر حديثًا كتاب “ريموندا حوا طويل الإبداع الإعلامي والعمل السياسي “، عن دار أمجد للنشر والتوزيع. والكتاب من تأليف الكاتب بشير شريف البرغوثي.  هذا الكتاب الواقع في مجلدين من نحو ألف ومائتي صفحة ليس قصة سيرة ذاتية بل هو دراسة موثقة لصناعة القيادات الوطنية من خلال سبر أغوار الجذور الوراثية العميقة للشخصية واكتشاف الطاقة القصوى للشخصية القيادية وعوامل تكوينها وتعزيزها.
حيث تزخر الذاكرة الفلسطينية بالنساء اللاتي تسلحن بالإرادة ،و العزيمة ،و الإصرار، ولكن لم يتم توثيق أنجازاتهن بشكل منهجي علمي يعتمد معايير مدارس القيادة العالمية و مباديء علم النفس السلوكي. استنادا على ذلك فكان لريموندا بصمات واضحة ونجحت في تخطي العديد من الحواجز لتخلد حضورا  رياديا واضحا عبر صفحات تاريخ شعبنا الفلسطيني
عندما نتحدث عن النضال الحقيقي فإننا نتحدث عن شخصيات تاريخية لم تدنسها شهوة المال، والسلطة، والشهرة، بل كافحت، وناضلت للحصول على حقوق شعبها الفلسطيني ،إنها الكاتبة و الصحفية ،و الإعلامية الفلسطينية ريموندا حوا طويل.
وفي هذا الإطار لعلنا نعرف  إن الناجيات من أنياب الكوارث هن الأكثر استعدادا للقيادة بالقدوة وللتضحية بكل المغريات المادية من أجل إطلاق صرخة التحرر ونداء الحرية في الأرجاء المقفرة. ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الكتاب هو قصة امرأة مخلوقة للقيادة وقد ارتبط وجودها كله بنكبة وطنها.. ظل وجدانها مسكونا بسقوط قلعة أبيها في جدين بقوة السلاح
علاوة على ذلك فعندما أقيمت بوابة مندلبوم لسلخ الوطن عن الوطن وسلخ الجسد الفلسطيني الواحد جاء رد فعل ريموندا معاكسا لأفعال الموت والدمار على طريق الحياة والحرية.. على طريق ظاهر العمرو الزيداني وحبيب حوا..
وفي نفس الصدد كان لا بدّ أن تتقن ريموندا أكثر من لغة لأن إيمانها برسالتها في الحياة يحتم عليها أن تطلق صرخة الحرية  بإرادة فولاذية لا يعتريها صدأ ولا ضعف وبإدارة حريرية قابلة للتعلم منها والنسج على منوالها.

وعليه فجعلوا بيتها سجنا وسجنها بيتا ونسفوا مركبتها وحاصروها بالمنع من السفر وبالمراقبة الحثيثة لكل ما تقول وتكتب في أي مكان والتحريض ضدها في الوطن وفي أوروبا وأمريكا ولكنها واصلت السير في حقل الشوك والألغام بكل شموخ أبيها وفروسية أمها وحضارية أجدادها. حيث نجحت ريموندا في كل مهماتها السياسية لأن إيمانها برسالتها كان أكبر من خوفها على حياتها وعلى زوجها وعلى أطفالها..

كان من الصعب جدا الإنتقال بالخطاب الفلسطيني من النطاق الوطني إلى العالمي ولم تكن هناك فضائيات ولا شبكات تواصل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.. فكيف حققت ريموندا الاستمرارية وسعة الإنتشار وعولمة خطابها؟.. فهي  أول من نجحت في جعل نساء إسرائيليات مؤثرات يحزمن حقائبهن و يتخلين عن الحلم الصهيوني إلى الأبد.. والتفاصيل الموثقة لبعض هذه النماذج موجودة في ثنايا هذا الكتاب
استخلاصًا لما سبق فإن مسيرة ريموندا تعلم كل فلسطينية كيف تحقق طموحها الوطني وكيف تجعل عواصم صناعة القرار تصغي لها وكيف تجعل الإعلامية صانعة للحدث وليس ناقلة له فقط.
ويعدّ هذا الكتاب برقية عرفان وامتنان لنساء ورجال من مختلف الجنسيات والانتماءات العقائدية من إعلاميين ومفكرين وناشطين مؤثرين لا يزال تأثيرهم واضحا في مجتمعاتهم ممن ضحوا بالمناصب والمكاسب تأييدا للحق الفلسطيني.. عاشوا وماتوا على ذلك. عشرات الأسماء التي تستحق من شعبنا كل تقدير

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى