برعاية مفتي روسيا ومشاركة فضيلة الدكتور شوقي علام انطلاق اعمال مؤتمر علمي دولي في موسكو
موسكو – حسناء رفعت
تحت رعاية سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين رئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية بدأت صباح اليوم في موسكو اعمال المؤتمر اللاهوتي والعلمي – التربوي الدولي الـ 16 “قراءات عالم جان البارودي” بعنوان: “المؤسسات الدينية الإسلامية في الحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية”، والندوة العالمية الثانية للفتوى في روسيا ” “منهجية اعتماد الفتاوى في روسيا: تحليل التراث والتجربة الحديثة” بمشاركة سماحة مفتي الديار المصرية فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم
وفي كلمته الترحيبية، عبر سماحة المفتي راوي عين الدين عن سعادته بأن يكون من بين ضيوفنا الكرام اليوم الاخ العزيز فضيلة الشيخ شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية، حيث تؤكد هذه المشاركة مرة أخرى على علاقات الأخوة وتطور علاقات الثقة والتعاون بين شعبي روسيا ومصر، كما يتأكد هذا التعاون من خلال العلاقة البناءة والمفتوحة التي نشأت بين زعيمي البلدين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس عبد الفتاح السيسي
ويشارك في الفعاليات العلمية الى جانب سماحة مفتي الديار المصرية فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام، علماء من سوريا والاردن والعراق وبوكينا فاسو وبيلاروسيا ومصر وفلسطين، اضافة الى علماء يمثلون مختلف المؤسسات العلمية والبحثية في روسيا
وكان سماحة مفتي الديار المصرية فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم علام قد وصل الى موسكو يوم أمس بدعوة كريمة من الزعيم الروحي لمسلمي روسيا سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين للمشاركة في عدة فعاليات علمية تنظمها الادارة الدينية لمسلمي روسيا في اطار فعاليات عام “المعلم والمرشد” في روسيا، والاحتفال بالذكرى الـ200 لميلاد العالم اللاهوتي والمستشرق الروسي حسين فيض خان
وقال سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين أن هذا المؤتمر ينعقد في شهر ربيع الأول المبارك – ميلاد نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) في المسجد الجامع بموسكو وهو المسجد الرئيس لمسلمي روسيا الذين يحافظون على تقاليد أجدادهم الذين قبلوا الإسلام ونشروه، بدءاً من القرون الأولى للهجرة، ويحمل المؤتمر اسم المفتي والمدرس عالم جان البارودي الذي ارتبط اسمه بازدهار التعليم الاسلامي في روسيا.
وأشار سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين إلى أن المؤرخ والمستشرق حسين فيض خان كان معلمًا ونموذجًا للجيل الحديث من اللاهوتيين قي روسيا، وهو الشخص الذي استوعبت معرفته واهتماماته العلمية التسلسل الزمني الكامل لتاريخ الإسلام والدول الإسلامية والشعوب الإسلامية على أراضي أوراسيا وثقافتهم وأدابهم.
الملا حسين فيض خان المحاضر في الجامعة الإمبراطورية، قام بتدريس اللغات العربية والفارسية والتتارية، وحصل على تقدير كبار الأكاديميين والمستشرقين في عصره اضافة على العلماء المعاصرين لاسهاماته العلمية الكبيرة، دخل التاريخ ليس فقط بتراثه العلمي الملفت للنظر باتساعه وعمقه، بل أيضا بدوره الاجتماعي، وكان أول من شجع مسلمي روسيا على الجمع بين المعرفة الدينية والمعرفة من مجالات العلوم الأخرى، وبالتالي استخلاص وتعزيز الفكر الإسلامي والإمكانات الفكرية للأمة.
بدوره، اكد فضيلة الدكتور شوقي علام المشاركة في اعمال هذه الندوة الهامة، تعبر عن الصلات الوثيقة والشراكة الحقيقية بين المؤسسات الدينية والإفتائية العالمية التي تعمل على صناعة خطاب ديني تجدبدي رشيد، كما أثمن اختيار تلك الموضوعات التي تتفاعل جديًا مع واقعنا المعاصر بتعقيداته وتغيراته المستمرة، وتسعى لمواكبة تحديات العصر من خلال الرؤى الفقهية والفكرية المستنيرة.
وشدد فضيلته على أن من أهم ما يشغل المجتمعات المسلمة اليوم هو أن يكون لها دور إيجابي فاعل وشراكة حقيقية في تطور وتحضر المجتمع الإنساني المعاصر، وأن تكون مواكبة لذلك التطور الذي تخطى حواجز الزمان والمكان والثقافات المتعددة، ومن أبرز التحديات التي تواجه البشرية في هذا الإطار مسألة الحفاظ على الهويات والخصوصيات الثقافية التي تحكم العديد من المجتمعات، والتي لا ترفض التقدم أو التطور بطبيعة الحال، إلا أنها تسعى للحفاظ على خصوصيتها، حتى لا يفقد المجتمع البشري ذلك التنوع الحضاري الذي يجعله أكثر تعايشًا واتزانًا في التعامل مع التعددية والاختلاف.
ومن هذا المنطلق فإنه لابد من العمل على فهم الأصول والجذور التراثية التي تنبثق منها الثقافات المتعددة، تلك الأصول التي تتمثل في تراث الأمم وتاريخها، والذي لا يمكن أن تنفك عنه لأنه يمثل جزءًا أصيلًا من مكونها الفكري والاجتماعي والسلوكي، وذلك لأن التقدم والتطور الحقيقي لا يمكن أن ينشأ إلا في ظل مجتمعات لها قيمها التاريخية والحضارية، والتي تكتسبها من جذورها التراثية التي تشكل وعيها.
واشار فضيلته بأن الفتوى هي أبرز مظاهر التجديد التي يتمتع بها الفقه الإسلامي، ولا يمكن أن تتحول إلى حالة من الجمود أو قلة الوعي التي تؤثر بطبيعة الحال على المجتمعات المسلمة، سواء في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، أو غيرها من المجتمعات التي تمثل الأقليات المسلمة فيها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي، وإنما ينبغي أن يظهر أثر الفتوى في الحفاظ على استقرار تلك المجتمعات، وتعزيز الاندماج داخل المجتمع الإنساني برؤية فقهية مستنيرة، ومراعاة للخصائص الحضارية والعادات المجتمعية التي لا يرفضها الدين الحنيف، ولا تعارض القيم الأخلاقية المستقرة، وإذا لم تراع الفتوى ذلك الإطار الكلي تحولت إلى نافذة من نوافذ التشدد الذي يعصف بأمن وسلامة الأمم والشعوب.
وختم فضيلة الشيخ الدكتور شوقي علام كلمته بالاشادة بالجهود التي تبذلها الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية لتعزيز فهم مناهج الفتوى التي تناسب العصر، وتأهيل العلماء القادرين على استعمال تلك المناهج الإفتائية الرصينة، وذلك التعاون المثمر مع دار الإفتاء المصرية لتعميق التواصل بين المؤسسات الإفتائية المختلفة، من أجل التوصل إلى حلول مشتركة فيما يخص التحديات التي تتعلق بمجال الفتوى، والاستفادة من التجارب والخبرات المتنوعة في التعامل مع الوقائع المتجددة في مختلف المجتمعات المسلمة.