اختيار اللفظ المناسب
✍ صالح الريمي :
كان العرب يتفننون في الأدب وينشئون أبناءهم عليه، ومن فنون الأدب في اختيار اللفظ المناسب، حتى قالوا لكل مقام مقال، فيقال للمريض معافى، وللاعمى بصير، وللاعور كريم العين، وكان هارون الرشيد قد رأى في بيته ذات مرة حزمة من الخيزران، فسأل وزيره الفضل بن الربيع:
ما هذه؟
فأجابه الوزير: عروق الرماح يا أمير المؤمنين..
أتدرون لماذا لم يقل له إنها الخيزران؟
لأن أم هارون الرشيد كان اسمها “الخيزران”، فالوزير يعرف من يخاطب فلذلك تحلى بالأدب في الإجابة.
أحد الخلفاء سأل ابنه من باب الاختبار، ما جمع مسواك؟
فأجابه ولده بالأدب الرفيع، “ضد محاسنك يا أمير المؤمنين”، فلم يقل الولد “مساويك”، لأن الأدب قوم لسانه وحلى طباعه..
ولما سئل العباس رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب العباس قائلًا: (هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله عليه الصلاة والسلام)، ما أجملها من إجابة في قمة الأدب لمقام رسول الله عليه الصلاة والسلام!!
*ترويقة:*
علينا أن نعير اهتمامنا لهذا الجانب من الخُلق والأدب في الإجابة المثالية المراعية لمشاعر الطرف الآخر، حتى نضمن جيلًا راقيًا في فنون الإجابة.
*ومضة:*
قال ابن القيم رحمه الله: (من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، الله)، وقال تعالى: (وقولوا للناسِ حُسْنًا).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*