*كُن من أهل الجنة*
✍ صالح الريمي – جدة :
التسامح شيء عظيم، لكن هناك ماهو أعظم من التسامح، إنه الصفح الجميل، أي نسيان الإساءة، وهي من الصعوبة بمكان عند الكثيرين، لكن يحتاج منّا التدرب والتطبع على فعل المكارم والأخلاق مع تذكر ثمار الصفح الجميل في الدنيا، والأجر من الله عزوجل في الآخرة. لذا نظف تفكيرك من أولئك الذين لا يستحقون أدنى تفكير، وانشغل فقط بكل ما هو إيجابي ومفيد في حياتك..
من هذه المقدمة أنقل لكم قصة رجل من أهل الجنة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع بصحابيته الكرام، ثم أردف قائلًا عليه الصلاة والسلام: (يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة).
فدخل رجل وصلَّى ركعتين وذهب، ومرة ثانية وثالثة يقول عليه الصلاة والسلام: (يدخل عليكم رجل من أهل الجنة)، فخرج نفس الرجل، بعد ذلك عبدالله بن عمرو تبعه إلى بيته ليبيت عنده ثلاث ليالٍ، فرأى صلاته وصيامه كالناس العادين، فقال: أسألك بالله يا عم.! بم استحققت دخول الجنة..
فقد أخبرنا عليه الصلاة والسلام أنك من أهل الجنة؟! قال: لست بكثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكن والله ما نمت ليلة من الليالي وفي صدري غلًا أو حسدًا أو كرهًا على أحد.
ما أحوجنا اليوم لتوظيف التسامح في علاقاتنا وتعاملاتنا وخلافتنا، لنتطلع إلى مجتمع يسوده التسامح والحُب النابع من الثقة والقوة، وليس من التخاذل والضعف، فالعفو والتسامح من فضائل الإسلام التي ترفع المرء إلى أعلى درجات الإيمان والإحسان..
والتسامح عنصرًا مهمًا في حياة الإنسان السوي، وله الدور البالغ في توطيد العلاقات الإنسانية بين البشر، ويزيل غبار المشاحنات، ويصفي النفوس، وهو أفضل علاج للروح وللنفس، وقد قيل أن التسامح نصف سعادة الإنسان، وسيفيدك أكثر مما سيفيد الآخر، وعدم التفكير فيه أو لومه أو الإنتقام منه هو انتصارًا لك ولشخصيتك.
وكما قيل: الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا وفي حق المجتمع، أو في تغذية روح العداء بين الناس. ولرب لحظة من لحظات التسامح أوقفت مشكلات وجلبت خيرًا وحبًا كثيرًا..
والنجاح لن يتسع للإنجاز والهدم، والعقل لن يفكر في العمل والانتقام في آنٍ واحد، فإما أن تلقي كل ما يسوؤك في سلة المهملات، وإما أن تبقى بجوار من أساء إليك تلعن وتلوم وتتضجر وتشتكي إلى ما لا نهاية.
*ومضة:*
كُن من أهل الجنة بالتسامح، قال تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ *وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}، وقال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ). وقال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
*ومضة:*
قال الإمام أحمد بن حنبل: (تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل). وليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي!. وقال الحسن البصري: (ما زال التغافل من فعل الكرام).
ورحم الله الشافعي إذ يقول:
لما عفوت ولم أحقد على أحد
أرحت نفسي من هم العداوات
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*