الرحيل الآثم
سليمان قعدة / قصرالبخاري _ الجزائر
سأعود إلى خلوتي
وحيدا هذه الليلة
أعاقر فنجان قهوتي
وأكتب عن ذلك الرحيل الآثم
وأتشبث بخطاك الراحلة
كلقيط تركته أمّه
على باب محطة قطار مهجور
وهاهي أنفاس المحاولة تلحفني
لعلي أُنبتك بين كفي يدي
وأنا أحفر كهوف الزمن
وأرتجف السقوط في قبر الأيام
وأتردد الخوف
وما زلت كصبي أكذب ظني
أنك تتوقين للرحيل
وأستنشق قُبلتك الهاربة
وأرافقك على جدران طيفك
كيف لي كصبي متعثر الخطى
أن أقتحم أسوار غجرية عرافة
وأخطف قلبها ..؟
مجنون أنا
حين يذبحني الشوق
وتعلقني اللهفة بين التيه والحضور
مجنون أنا
حين أرسم صورتك
في بخار فنجان قهوتي
وفي الحرائق المشتعلة
بين قضبان أضلعي
وفي ضباب المرايا
دونك أعيش في قماطة الكفن
أرقب عودة الربيع الذي لا يأتي
إلا بعذابات ليل مصلوب
على متاهات قصائد
بلا لغة ولا وزن
تجعل منك خمري المباح .
بعد هذا الرحيل بت كالروح العارية
وما عادت زهرة اللوتس المقدسة
ذات النشأة الأولى تسحر المكان
ولا طائر الايبس يبدع في ألحنه
على شجرتي العارية
وما عاد طيفك يفوح عطرا
كخبز الكانون في كوخ الجياع
وباتت رسائل لك
تخفيها الرمال ويطويها الموج
بعد هذا الرحيل الاثم
من غيرك يفتح نوافذ عمري الخرب..
لأسافر عبر أنفاسك
إلى محطة جزيرة أحضانك
تلك الجزيرة التي تضطرب
فيها بوصلتي وتتعطل
وتصير كل الاتجاهات أنت
وفي بهو الرحيل
أغني أشعاري المعجونة
بالحسرة والحنين
وعلى ضباب زجاج نافذتي
أكتب لك رسالة رجاء
كوني منصفة في رحيلك
ولا تتركي روحي المعلقة
بين وتد الرجاء والأمل
لبرد الشتاء
بعد هذا الرحيل الاثم
بت بنصف عقل
وعشرة أصابع .