الشبة”.. إرث تتناقله الأجيال منذ القدم في منطقة الجوف
متابعات – الجوف :-
تعد “الشبة” وإن اختلف اسمُها من منطقة إلى أخرى، إحد العادات الاجتماعية التي تميز بها المجتمع السعودي، وإرثاً تتوارثه الأجيال، وخاصة في منطقة الجوف، حيث تجاوز عمر بعضها أكثر من 80 عامًا .
وأصبحت الجلسة التقليدية “الشبة”، نقطة وصل وتواصل بين أفراد المجتمع والجيران، يعرف من خلالها أخبار مجتمعهم وجيرانهم، ويتبادلون فيها أطراف الحديث والقصص والشعر وتتناقل من خلالها أخبار الأجداد إلى الأباء والأبناء.
وأضحت الشبة في منطقة الجوف بصمة مميزة ضمن موروث المنطقة وتراثها، وعاداتها وتقاليدها، وجانبًا من جوانب الحياة الاجتماعية لا يستغني عنه أبناء المنطقة .
ويؤكد عبدالواحد بن مقيبل الحموان، أن الأهالي مهتمون بموروث المنطقة، حيث تُعد الشبة عادة قديمة ترجع جذورها الأولى إلى مئات السنين، وهي مجالس مفتوحة لاستقبال الضيوف يقيمها بعض الأهالي أو العائلات، لتعزيز الأواصر الاجتماعية وجمع شمل الأقارب والجيران والمعارف، وبقيت هذه العادة حية في حواضر المنطقة وباديتها، وترتبط “الشبات” بعائلات أو أفراد تحمل اسمهم .
وأضاف أن الشبات تمثل مجلسًا اجتماعيًا للأُنس وتبادل الأحاديث ومناقشة القضايا الاجتماعية وطرح الأفكار والمقترحات وسرد القصص والذكريات، وكانت قديمًا تقام في مجلس مخصص يسمى “القهوة”، بينما أصبحت هذه الأيام تقام في المجالس والمشبات وأحيانًا داخل فناء المنزل في جلسة تتم تهيئتها لذلك .
وعن أوقات انعقاد الشبة يقول صالح بن عطا الشايع، أن هذا الجانب يتميز بمرونة كبيرة وفقا لظروف صاحبها ومرتاديها، فبعضها يستقبل ضيوفه بعد صلاة الفجر مباشرة أو بعد الضحى، وبعد العصر أو المغرب أو العشاء، والبعض الآخر يبقى بابه مفتوحًا للضيوف والزوار على مدار 24 ساعة، مضيفاً أن الضيافة التقليدية في الشبات تعتبر الأساس مثل القهوة السعودية والتمر وحليب الإبل والشاهي بالإضافة للوجبات.
وقال محمد بن عفاش الخالدي كما تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التواصل الاجتماعي بين العائلات والأفراد في منطقة الجوف، فضلًا عن ربط الأجيال الجديدة من الشباب والأشبال بتراث الآباء والأجداد، والعادات والقيم الاجتماعية الأصيلة التي لا تزال حية تنبض في المجالس، ليمتزج عبق الموروث الجوفي العريق برائحة القهوة العربية والتئام شمل الجميع تحت ظلال “الشبة”.
من جانبه، أكد محمد بن مناع الزيد أن التراث الشعبي حاضر في شبات ومجالس الجوف، وهو ما ورثَته الأجيال السالفة للأجيال الحالية من العادات والتقاليد والآداب والقيم والمعارف الشعبية والثقافية والمادية، حيث يتخللها القصص والأشعار والأمثلة الشعبية .
وعن ذات التقليد يروي التربوي عبدالله بن مصلح المريح، أنه وإخوانه ورث هذا التقليد الاجتماعي عن والدهم يرحمه الله، حيث كانت ملامح الشبّة آنذاك قبل 70 عامًا تتسم باجتماع الأهالي في بيت الشعر وتجمع بين البادية والحاضرة ، حيث أسهمت في توطين أبناء البادية ، وكانت أشبه بالمدارس لصغار السن، ولم يتوقف هذا التقليد الاجتماعي في الكثير منها لانتقالها من الآباء إلى الأبناء حيث لها عادة اجتماعية كبيرة في الحفاظ على التواصل بين أبناء المجتمع .