مهندس صحة

✍️ صالح الريمي :-

يا سادة يا كرام عمال النظافة يفيقون في الصباح الباكر يعملون بجد على إماطة الأذى عن الطريق ونحن نائمون في بيوتنا مع أطفالنا وأزواجنا، والشمس الملتهبة صديقتهم ورفيقتهم منذ بدء العمل في الصباح حتى مغيب الشمس، وهذا ما يتضح على وجوههم السمراء المحترقة وأجسادهم المتعبة . 

هم فقط يريدون منا قليلًا من الاهتمام لنشعرهم أنهم بشر مثلنا ولهم حق علينا، فالأخلاق مع الناس ليست حكرًا لأحد، هم يستحقون أكثر من غيرهم اللطف في التعامل ولين الجانب والكلام الحسن . 

ذكرني الفيس بوك بالأمس بقصة حصلت لي في عام 2008 ميلادي عندما تركت شقتي بحي السامر، وقبل تحميل العفش طرق الباب ففتحته وإذا هو عامل النظافة وقد علت وجهه ابتسامة جميلة، فقال لي حسب لهجته المكسرة: “أنت في نفر كويس”، “روح خلاص سكن جديد”، قلت له نعم، ثم قال: “أنا هب أنت كثير وأهب قدم لك هدية متوادعة حسب دروفي”، ثم أعطاني عليه شكولاته قال :” أنت في إنسان 
أنت نفر كويس”، خرجت من عيني دمعة بل دمعات حب ورحمة لهذا العامل المسكين ثم احتضنته بحنان وعطف وقلت له أنا معك أينما كنت، فقال: “أنا ما في خوف الله فوق أنت أنا نفر إن شاء الله في الجنة”.

هؤلاء العمال المساكين هم يحبون الناس الذين يتعاملون معهم بلطف ويتحدثون معهم بأحسن الكلام وتطيب خاطرهم ولو بشيء من الصدقة، فقط هذا ما فعلته معه ووجدت منه كل الحُب والود، هذه الفئة في مجتمعاتنا الخليجية بالخصوص محتقرة كثيرًا وننفر منهم ونتقزز من الجلوس معهم، وبعضنا للأسف يتقزز من أشكالهم ولباسهم وجنسياتهم، وبعضنا من مهنتهم لأنهم فقط يحملون مسمى مهنة “عامل نظافة”، وهذا من باب تلطيف العبارة لكن بعضنا يدعوهم زبالين أو كناسيين.

أن هذه المهنة في نظر الحكماء والعقلاء هي أشرف المهن، فلولا عمال النظافة لعم البلد الوباء وامتلأت الشوارع بالقاذورات والأوساخ ولشممنا الروائح النتنة والعفنة واستحالت الحياة في عدم وجودهم في حياتنا، لذا فلهم منّا عظيم الشكر والامتنان..
هل فكرتم يومًا كيف يعمل عمل النظافة؟ ومتى يبداون عملهم ومتى ينتهوا؟ وماذا يواجهون في يومهم الطويل من صعوبات العمل؟ وما هي أوقات راحتهم وسعادتهم وشقائهم؟ وما هي أحوالهم، ومعاناتهم، ومطالبهم؟ وهل تعلمون ما هي غايتهم؟ بالتأكيد لقمة العيش والعمل الشريف.

ومن باب التعاون على البر والتقوى مع عمال النظافة علينا أن لا نلقي القاذورات وبواقي الطعام في قارعة الطريق وذلك يخفف ويساعد عمال النظافة في عملهم لكن البعض لايبالي وبدون أدني اهتمام ومسؤولية بنظافة البلد وتعب العمال يرمي وفي أي مكان..
هل تتخيلوا معي لو أعطي لهم يوم عطلة؟ هل لكم أن تتخيلوا كيف سيكون حال شوارعنا الجميلة النظيفة، لذلك اليابانيون والعالم المتحضر يسمون عامل النظافة بمهندس صحة ويعطونه راتبًا كبيرًا يقدر ب 8 ألف دولار وسكنًا مجانيًا وضمانًا صحيًا مع أفراد عائلاتهم.

*ترويقة:*

أقول بملئ فمي لعمال النظافة في كل مكان وفي أي بلد كان شكرًا لكم من الأعماق وإن فضلكم علينا كبير وأجركم عند الله أعظم، فأنتم تتحملون الأذى من الناس والروائح والقاذورات من الشارع، فصبراً جميل والله المستعان.

*ومضة:*

ابتسم في وجه عامل النظافة وأعطه من تقديرك واحترامك، فعامل النظافة ربما كان عند الله أفضل من مدير بنك، لأنه يقوم بإماطة الأذى عن الطريق ويقدم أنبل خدمة للمجتمع فينال الراتب والأجر معًا.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى