قراءة في قصيدة يا سلوى للشاعر خليل عيلبوني
✍️الدكتورة فاطمة الحسيني
تكمن أهمية العنوان في جاذبيته من جهة وفي خلخلته لأفق انتظار للقارئ المتلقي من جهة أخرى لأنه يعن الوداع ويقدم حجته لذلك، فمواجهة سلوى المنح والعطاء (المن) بالجحود وإنكار النعمة ليس من الشيم الحميدة، يقول:
إني منحتك المن والسلوى °°° لكن …جحدتِ الجود يا سلوى
لم تذكري يوما عطاء يدي °°° لكن ذي… ما كانت البلوى
أنكرت حتى الحب وا أسفي °°° وقصائدا …رددتها نشوى
إن جدلية العطاء أمام جبروت الجحود تجعل الذات تتأمل أوجاعها وتشكو لواعجها، وبذلك تخلق هذه الذات دينامية الحركة في القصيدة اتجاه الكشف عن مواقف جديرة بالتأمل والتفكير، يقول:
سلوى أنا لا بغض يسكن بي °°° وبلا شروط… أمنح العفوا
لكن سؤالي …لم يزل يعلو °°° هل أنت حقا كنت من أهوى
تعود حالات ومعاني الوجع والألم مع انعدام الجدوى أمام التناقضات الصارخة:
صعب سؤالي …حين أطرحه °°° لكنه حتما …بلا جدوى
فمرجعية القرآن الكريم حاضرة بقوة (وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى)، والقصيدة تغترف من هذه المرجعية الدينية التي تؤسس لقيمة أخلاقية عالية:
إني منحت المن والسلوى°°° لكن جحدتِ الجود يا سلوى
لكن بلا عطف سفكت دمي°°° وجعلت مني قصة تروى
غير أن إعراضها عنه وجحودها…. كأنها قتلته و’استحلت دمه في الأشهر الحرم” في إشارة لمرجعية التناص مع ببيت أحمد شوقي (أحلت سفك دمي في الأشهر الحرم)، إلا أن في القصيدة نقطة ضوء تطل في لحظة في موقف، أوفي كلمة أو في إشارة… تستوقف القارئ بسبب يستحق منه التوقف والتأمل، بلغة مكثفة ومفعمة بما تسعفه العبارة و يتيحه المقام ويشكله البعد السردي والدرامي للقصيدة لأنه يعبر عن تجربـة واعيـة، يقول:
وسمعت منك قصائدي … فبكت °°° عيني من المضمون والفحوى
لكن بلا عطف سفكت دمي °°° وجعلت مني قصة تروى
ليبني جسرا يربط بين نهاية الحكاية وإغلاق الأبواب، يقول:
سلوى انتهت فعلا حكايتنا °°° وسجلها… لا بد أن يطوي
لا عودة للحب تنفعنا °°° فلنغلق الأبواب…يا سلوى
وبين وضعية التجاوز التي تعطي للقصيدة بعدها المنفتح على الحياة، يقول:
اليوم لا الذكرى تؤرقني °°° فأنا على نسيانها الأقوى