الحياة كالثلج
✍️ صالح الريمي :-
أنظر حولك واستمتع بما تملك مع السعي نحو الأفضل بنفس مطمئنة لا نفس ساخطة، ثم تصالح مع حقيقة الدنيا وامتلك القناعة، وسوف تشعر بالكمال وستجد السعادة في سائر حياتك، وتمضي بنا الحياة بين حلم وأمنية ولا يحدث إلا ماكتبه الله لنا، فالسعاده لاتعني أن تعيش حياة كاملة، بل تعني أنك قد قررت غضّ البصر عن النواقص.
قبل عدة سنوات فجعت بموت ثلاثة إخوة متتالين يفرق بينهم السنة والسنتين، وتأثرت كثيرًا بموتهم رحمهم الله جميعًا وموتى المسلمين، لكن الفاجعة التي قصمت ظهري هو موت والدي رحمه الله بعد شهر من موت أخي الأصغر، صحيح أنني كنت متماسكًا أمام الجميع، وصحيح أنني اقمتُ عزاء خاص لوالدي رحمه الله، لكن لم أنسى كل لحظة جميلة كانت مع والدي .
الكثير ظن أنني نسيت وسُليت وتجاوزت الفاجعة والمحنة، ولم يكن أحدًا يعرف حجم الحزن الذي مررت به في خلواتي، ولم يدرك أحد قدْر الأهوال التي عانيت منها، وكنت غالبًا ارتدي قناعًا أخفي به مشاعري الحزينة عن الناس
محاولًا أن أبدو متماسكًا أمام الجميع خشية أن يشفقوا عليّ، أو أن يكتشفوا روحي المبعثرة، بالرغم أن شعاري يدعوا للتفاؤل ونشر البِشر بين الناس، لكن في النهاية أنا بشر تجري عليّ ما يجري على البشر من الهم والحزن والكآبة .
وقبل عدة أيام تذكرت موت والدي رحمه الله عندما سمعت شخصًا يهمس في الهاتف مع شخص توفي له قريب محاولًا التخفيف عنه، وعندما عرفت قلت له “التسلي عن الحزن أمام الآخرين عبادة، ولو أن الحزن يعيد أحدًا لأعاد والدي، فقد بكيت على فراقه ليالٍ كُثر حتى شعرت أنه لم يبقَ في جسمي قطرة ماء .
وهنا أعجبتني مقولة: “أن الجميع يعاني”، صحيح ليس هناك زواج كامل، ولا صداقة كاملة، ولا دوام مثالي، ولا تجارة مريحة، ولا حياة وردية، لذا حرر عقلك من التوقعات غير الواقعية !!!
وكلما ازداد عمرك كلما أيقنت أن تلك الحياة لا تستحق كل ذلك التأثر، ترحل مصاعب وتأتي غيرها، تموت ضحكات تولد أخرى، يذهب البعض يأتي آخرون، هي مجرد حياة، وهناك فرق بين من يتغاضى ويتراضى وبين من يحقق ويدقق..
فالحياة جميلة حينما تتعامل معها بأنها ناقصة حتى نهاية الدنيا، فهي ليست جنة الخلد، فعاملها على أصلها تستريح وتريح غيرك، ولاجدوى من تأجيل شعورك بالامتلاء في انتظار كمالها. فماتراه اليوم كمالاً لن يغدو كذلك غدًا وسوف تستمر بمطاردته، ولن تستمتع بما لديك. فاحلم بالمزيد لكي لا تفسد سعادة اللحظة الحاضرة بالتحسر على ما لاتملك، وتذكر أن كثيرًا مما تملك اليوم كان من أمنياتك يومًا ما.
ترويقة:
فيما أعرف أن البارعين في إخفاء معاناتهم هم الأقل طلبًا للمساعدة والأكثر استحقاقًا لها، لذا حاول أن تتلمس حاجتهم في الظلام الذي يحيط بهم وأن تبذل ما في وسعك لتقديم العون لهم في أي شكل تستطيع.
ومضة:
الحياة كالثلج!! فاستمتع بها قبل أن تذوب، ولهذا يقال: “أن مطاردة الكمال فخ يورث شعورًا دائمًا بالذنب والتقصير، ويكفيك هدفًا أن يكون غدُكْ أفضل من أمسِك.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*