*لا تقصص رؤياك*
✍️صَالِح الرِّيمِي
لنا في قصة يوسف مع أبيه يعقوب عليهما السلام التوجيه السليم بضرورة كتمان السر، خاصةً إذا كان ذلك السر هو عبارة عن فضل ونعمة من الله سبحانه وتعالى خشية الحسد والمؤامرة من الغير..
فحينما أخبر يوسف أباه بالرؤيا في المنام، فسّرها بأن إخوانه سيخرون له ساجدين إجلالًا واحترامًا وإكرامًا، ثم خشي يعقوب على ابنه من إخوانه فأمره بأن لا يخبر أحدًا بتلك الرؤيا، وأن لا يفشي السر الذي بينهما، قال الله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.
قديمًا قبل وسائل التواصل الاجتماعي عاش الناس حياتهم أكثر سعادة واستقرارًا من اليوم، بل كانت الخصوصية عنوانًا لحياتهم ومناسباتهم، وبما أننا لازنا في أيام عيد وفرح وسرور لا تعروا أنفسكم، بمعنى آخر اجعلوا مناسباتكم وافراحكم بينكم البين ولا تصورها وتنشروها ليشاهدها عامة الناس في مواقع التواصل..
فعندما تكون جالسًا على البحر أو البر أو في منتزة أو في حديقة عامة مع العائلة، أو اشتريت سيارة جديدة، أو منزلًا جديًدا، أو اشتريت ملابس العيد لأولادك، أو كنت في مناسبة عائلية خاصة، أو ماذا أكلت وشربت، أو في سفرك وترحالك للتنزه والترفيه.
كل هذه المنشورات نراها يوميًا عبر مواقع التواصل، واغلب من ينشرها لا يعلم أنه يعري نفسه وعائلته ومناسبته ويكشفها للآخرين، وهو لا يعلم أن هناك عيون حاسدة وحاقدة ومتربصة، ثم الأمر الآخر والمهم أن من يراها من الفقراء والمساكين قد تأتيه الحسرة والندامة..
قد يأتي شخص يقول: أن الله يحب أن يرى أثر نعمه على عبده، نعم يجب أن يراها لكن بالعطاء لا بالتباهي أمام الجميع، فليس هناك أسمى من أفراح ومناسبات جميلة وحياة زوجيه وأسرية مغلفة بالسرية وتفاصيلها الدقيقة الخاصة، فروعتها بأنها كتاب مغلق لا يعيشها إلا أصحابها فقط.
*ترويقة:*
الحسد طبيعة بشرية، والنفوس المريضة والعقول المعلولة تمرض إذا رأت النعم في أيدي الناس، فلا تكن كتابًا مفتوحًا متاحًا للجميع، أخفِ بعض أسرارك، فربما لن تملك قميص يوسف، أو تملك صبر وإيمان يعقوب، فاستتر وحافظ على بيتكم وأبنائك وحياتك الخاصة من العين والحسد، وارحم قلوب الفقراء الضعيفة من الحسرة والندامة.
*ومضة:*
أعجبتني مقولة:
مواقع التواصل الاجتماعي: تنازل مجاني عن (الخصوصية)!
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*