الـطاعـات 4/4
✍️عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :-
مغالبة هوى النفس وشهواتها وإخراجها عن ركودها وكسلها فيه مشقة، والأخذ بخطام النفس في سلوكها طريق النجاة عسير لا يصح إلا بمجاهدة نقية، وعلى بصيرة وتحمل للعنت، وتطلّع إلى راحة المستقر بعد أن تألف الطاعة فتهواها،
قال أبو يزيد : ما زلت أسوق نفسي إلى الله تعالى وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك .
والطاعة طريق الجنة، وهو محفوف بالمكاره، ولا يثبت عليه من لم يروّض نفسه، قال عليه الصلاة والسلام: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : (بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا) رواه مسلم.
فمن تصبر نال الظفر ومن تخبط خاض الخطر.
بكى رجل، فقالوا : ما يبكيك …؟ فقال: على يوم مضى ما صمته، وعلى ليلة ذهبت ما قمتها.
وقال سفيان الثوري: جلست ذات يوم أحدّث ومعنا سعيد بن السائب الطائفي، فجعل سعيد يبكي حتى رحمته.
فقلت: يا سعيد، ما يبكيك وأنت تسمعني أذكر أهل الخير وفعالهم …؟
فقال: يا سفيان، وما يمنعني من البكاء إذا ذكرت مناقب أهل الخير وكنتُ عنهم بمعزل …؟
أبواب الطاعات كثيرة، ولكم حظ في الدخول منها كلها والنهل من أجورها، فاستغلوا الأوقات في طاعة رب السموات، من قبل أن يأتي يوم يقال فيه {ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل}.
ولينظر كل امرئ في أمره، إذا كان يصوم الإثنين والخميس، ويقوم الليل، وينفق شهريا من ماله في وجوه البر، ويصل رحمه، ويبث الخير، ويصلح بين الناس، ويسبق إخوانه إلى المسجد، ثم تغيرت أحواله فانتقص من ذلك شيء،
وليراجع دواخل قلبه لعله يجد العلة، فيستعين بالله عليها ونعم المعين.