اعرف أول قصص مصوره للأطفال بفن خيال الظل
يؤكد الفنان مصطفى الصباغ أن
لخيال الظل التراثي كتجربة كوميكس الأولى من نوعها
جذور مرتبطة بالفن القصصي المصور الضاربة فى عمق التاريخ الإنساني، يعود للعصر الحجري مع إنسان الكهوف الذى رسم وسجل على جدرانها صورا عديدة ومتنوعة منها ما كشف عن الصعوبات التى واجهها للتكيف مع شقاء الطبيعة والتدابير التى اتخذها لمواجهة عالم من الحيوانات شديدة الإفتراس، وسجلت الحضارة المصرية القديمة وما أكثر شواهد آثارها على قصص مصور إبداعى مثير بجدران المعابد وروائع رسوم البرديات.
وأوضح الصباغ
أهمية القصص المصور للأطفال وتأثيره فى تشكيل شخصيته وتنمية قدراته ومهاراته وتعاليمه، جاءت من فكرة توظيف فن خيال الظل التراثى وتقاليده الفنية، فيما يشكله من صور تثير الإنتباه والدهشة لدى الصغير والكبير، وتدفع فضول الطفل لمعرفة واكتشاف ما خلف الستار، ومن ثم يمثل خيال الظل وسيلة مثلى لتخصيب خيال الأطفال، حيث يفتح له عوالم هذا الفن أسلوبا مثيرا يتعرف من خلاله على مراحل تكوين القصة المصور \”كوميكس\”.
وقد اعتمدت على قصة \”الفأر والأسد\” التراثية لإبراز جوهر مفهوم القوة، والذى يتمركز حول تقديم المساعدة باستخدام القدرات المتاحة لمن فى حاجة إليها، وتأتي الصور المتتابعة فى تسلسل درامى حيث نشهد الفئران يلعبون الكرة الحيرانة فى غناء مستعرضا بطل القصة الفأر \”أوزى\” أسس وقواعد اللعبة بأن تمرر الكرة دون أن يستطيع لاعب الوسط من التقاطها، ثم ينتقل للكيفية التى تمكن لاعب الوسط من الفوز مستعرضا عددا من القيم منها المثابرة والإصرار بتكرار المحاولة وعدم اليأس، وإعمال العقل والتفكير فى احتساب الخطوات والتقدير الأمثل للقفز حتى النجاح فى التقاط الكرة، وينتقل الحدث المصور باستمرار اللعب وابتعاد الكرة حتى تسقط على الأسد النائم فى الكهف، فيخرج منه غاضبا محاولا الإمساك بالفأر المراوغ الذى يسقط فى النهاية بقبضة الأسد، ثم
يظهر الفأر فى رباط بجذع شجرة والأسد يتهيأ يأكله، لكن الفأر ينجح فى إقناعه بالعدول عن التهامه بحجة أنه لا يليق بالأسد أن يأكل فأر صغير إنما يليق به حمارا وحشى أو ثعلبا ثمينا، كما أن الفأر أثار كبريائه وسخريته حين وعده بأن يقدم له المساعدة، ومن ثم يتركه الأسد متهكما ساخرا من أن يحتاح بكل قوته مساعدة من فأر صغير، وفى ظل فرحة الأصدقاء بعودة الفأر أوزى، يسمع إستغاثة الأسد فيقرر أن يذهب إليه وسط دهشة وتعجب من أصدقائه، لكنه الفأر فى تبنى لقيمة الوفاء بالوعد يقرر الذهاب حيث يجد الأسد فى شباك الصيد حبيسا، يستخدم الفأر قوة أسنانه فى قضم الشباك ويحرر الأسد الذى يتغنى فرحا بأوزى وقوته.
القصص المصور بخيال الظل بعنوان الفأر أوزى من إعداد وتكوين المناظر وعرائس خيال الظل للفنان \”مصطفى الصباغ\”، زينب الشرقاوى، بمشاركة الأطفال صفاء مصطفى، فرح مصطفى، يوسف محمود، ولعل أبرز ما يمكن أن تنتجه التجربة والتى تعد هى الأولى من نوعها، تعليم الطفل مراحل التكوين القصصى، تلقى حكاية تراثية حيوية متضمنة للعديد من القيم التربوية عبر حوار مقروء ومصاحبا له أداء تمثيليا يتخلله الغناء، رسم الشخصيات والتعرف على سماتها، وآلية تحولها لعرائس فى مشاهد مصورة ومناظر تعبر عن المكان والزمان وتوحى بالأحداث، واستعراض إشكالية القصة دراميا وصولا فى تسلسل إلى الحل، مستخلصا منه القيمة والحكمة والعظة.