“أيخون انسان بلاده”؟!!.
بقلم - أ.د. عبدالكريم الوزان
الخيانة صفة ونزعة رذيلة لدى الانسان، الذي لايقدر قيمة الدين والوطن والانسانية ، وبخاصة فاقدي البصيرة.
وليس هناك حجة أو مبرر لارتكابها مهما كانت الدوافع اقتصادية أو سياسية أو طائفية أو ولائية أو أحقاد شخصية أو جهل أو مرض.
الشاعر الراحل الكبير بدر شاكر السياب يتساءل:
“إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟
الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام
حتى الظلام – هناك أجمل، فهو يحتضن العراق”
والخيانة جريمة كبرى لاتغتفر. ومن يفعلها فإن التاريخ لن يرحمه ، وسيسجل ذلك بأحرف سوداء راسخة ظاهرة للعيان مهما طال الزمن. فهذا أبو رغال الذي أرشد أبرهة عام ٥٧٠م الى مكة مقابل المال، وقبره يرجم بالحجارة حتى اللحظة. وابن العلقمي وزير الخليفة العباسي المستعصم بالله، الذي سهل للقائد المغولي هولاكو احتلال بغداد، فسقطت الدولة العباسية عام ١٢٥٨م. وهناك الملك صالح اسماعيل الأيوبي حاكم دمشق وفلسطين ( ١١٧٤م) ، الذي طلب من بعض الملوك الصليبيين إعانته على قتال ابن أخيه الملك صالح أيوب.مقابل تنازله لهم عن القدس.
وكثيرون غيرهم ، الذين مهما قدموا من تنازلات، فلن ينالوا تقدير واحترام الغير. وجميعنا قرأ ما حصل مع الخائن النمساوي الذي سهل للفرنسيين احتلال بلاده عام ١٨٠٩م، فتقدم نحو نابليون وهو يمني النفس بنيل شرف مصافحته، لكن الأخير رمى له المال قائلا: هذا المال لأمثالك, أما أنا, فيدي لا تصافح من خانوا أوطانهم ” ! .
ان من نكلوا ببلدانهم وبني جلدتهم، قد يتوارون عن أنظار الناس، ويتركون أسرهم وأقرباءهم في واجهة اللوم والاستصغار والازدراء. لكن كيف سيتواروا عن أنظار ربهم وعنده يحتكم الخصوم؟.
واليوم ونحن نعيش عالما اتصاليا مفتوحا، بحكم التكنولوجيا الهائلة ، فانه من السهل جدا ان تتناقل أخبار الخونة، وتوثق دناءاتهم وخستهم، ويفضحون على الملأ، فتحل عليهم لعنة الله والناس أجمعين، يوم ولدوا ويوم يموتون ويوم يبعثون أحياء.
عجبا كيف يخون المرء وطنه .. وقد حزنت لبيع داري لأخي؟!!.