(بالصور) معايدة و أمسية ادبية بدار الثقافة و الفنون ابراهيم زدور لولاية وهران
محمد غاني. الان
اقامت دار الثقافة لولاية وهران محمد زدور ابراهيم القاسم تحت اشراف مديرة الثقافة و الفنون لولاية وهران السيدة بشرى صالحي و مديرة دار الثقافة السيدة قوادري عيشوش بختة حفل معايدة على شرف فناني ولاية وهران حضرته الكثير من الوجوه الثقافية الفنية و الأدبية و المسرحية و الجمعوية حيث تم تبادل تهاني عيد الفطر بين المدعويين الذين وجدوا الفرصة السانحة للالتقاء و تجاذب أطراف الحديث حول ماضي و حاضر و افاق الحركة الفنية و الثقافية لولاية وهران و كم كان ماتعا التقاء المخضرمين بالجيل الصاعد لتبادل الرؤى و الافكار التي من شانها دفع المزيد من الحركة الثقافية قدما الى الامام كما اتيحت الفرصة للاستماع الى كلمة قيمة لمديرة الثقافة و الفنون لولاية وهران التي اكدت للحضور القوي للفنانين بالمناسبة و على راسهم الوجوه المعروفة على الساحة الوطنية مثل الفنانة بابا حورية خديجة صالحي و المخرج الشهير حويذق دليل قاطع على تواصل و تلاحم الاجيال و الانصهار تحت بوتقة مسار ثقافي لا يمكن له الاضمحلال خاصة في ظل فتح ابواب الثقافة على مصراعيها عبر الهياكل التابعة للقطاع المعني من اجل ممارسة فعل ثقافي دائم و غاص بالتنافس الايجابي و قد اختارت المديرة شخصيا دار الثقافة زدور ابراهيم القاسم للمعايدة لأنها رمز للفنانين الذين تعاقبوا عليها منذ سنوات طويلة و اثبتوا نجاعتهم في العطاء امثال الفنان أحمد وهبي و الكاتب الروائي امين الزاوي و غيرهم ممن داوموا على ولوج قاعاتها بمبادرات قيمة و يستمر الكثيرون حاليا في ذلك منهم رواد و رؤساء و مناضلو جمعيات كبيرة برهنت على وجودها بتفعيل برامج ثقافية معتبرة كجمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب لولاية وهران و سوف تعمل مديرة الثقافة و الفنون على مرافقة جميع برامج الجمعيات الفاعلة من جهتها رحبت مديرة دار الثقافة السيدة قوادري عيشوش بختة بالحضور الكبير للمثقفين و الفنانين واعدة ببذل كل الجهود الداعمة للمبادرات القيمة لتدعو الى تناول اكرامية رمزية على نخب التفاعل مع حدث المعايدة و دعت الجميع للالتحاق بقاعة العروض أين اقيمت أمسية ادبية كبيرة من تنظيم جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب لولاية وهران تحت رئاسة الكاتب الروائي المعروف علي شريف روان سيريك جددت فيها مديرة الثقافة و الفنون ترحابها بالشعراء و الكتاب من داخل ولاية وهران و خارجها و أستمتعت الى جانب من القراءات الادبيةالتي تداول عليها كل من الشاعر موساوي الطيب من ولاية البيض و الشاعر بن عثمان من ولاية معسكر و الشاعر الاعلامي محمد غاني من ولاية الشلف و الشاعر لزرق العربي المدعو الهواري من ولاية غليزان و الشاعر قوادري نونة ابراهيم من ولاية الشلف و كاتب الخاطرة الياس فراق المدعو شلالي شلالي و شعراء وكتاب ولايةوهران منهم و بوبكر حسان نصويرة و عائشة حاجي و زلاط عثمان و سعيدة بوقيدر و الهواري مداح و مليكة بن احمد مع فواصل موسيقية من توقيع الفنان محبوب الوهراني و اغتنم الفرصة السيد مراح رشيد نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية واد تليلات ليدعو جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب من اجل بلورة و وضع برنامج ثقافي و ادبي من عدة أيام يقام في بلدية واد تليلات لتختتم الأمسية الأدبية الناجحة بتكريم وجوه من منتسبي الجمعية و تجديد الترحم على وفاة قريب الشهيد زدور ابراهيم القاسم هذا الشهيد الرمز الذي سميت باسمه دار الثقافة لولاية وهران و الذي وصفه ابوه الشيخ الطيب المهاجي في هذه الورقة ذات يوم فقال:
” زدور ابراهيم قاسم”، رحمه الله كان اول شهيد استشهد
من أبناء الجزائر في سبيل الوطن، هو ولدنا السيد القاسم، وباستشهاده نالني من الكوارث التي حلت بالجزائر الحظ الأوفر، والنصيب الأكثر، إن لم أقل أُصبت بما لم يصب بمثله غيري، فقد كان هذا الولد البار الأنجب هو ثمرة عملي ومنتهى أملي، ورزقي الحسي والمعنوي، الدنيوي والأخروي، حفظ القرآن وهو ابن تسع سنوات وحاز شهادة اللغة الفرنسية وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم صار يحضر دروسي المتنوعة بجد واجتهاد ومزيد اعتناء مع ذكاء القريحة والفهم الثاقب والحرص الدائم حتى حصل على ما عندي، ثم سافر إلى حاضرة تونس فتلقى بالكلية الزيتونية من أساتذة أجلة ما وافق مشربه واصطفاه لنفسه من العلوم الراقية، ثم تاقت نفسه الوثابة إلى المزيد، وقد ورد (منهومان لا يشبعان، منهوم بالمال ومنهوم بالعلم) فخرج يؤم القاهرة برخصة حصل عليها من تونس بعد مشقة، والتحق بكلية العلوم من جامعة فؤاد بعد امتحانات اختبرت بها مقدرته فاستغرقت إقامته بهذه الكلية وما أدراك ما هذه الكلية أربع سنوات، نال فيها شهادة عالية، وقد شارك في علوم الكلية على اختلاف أنواعها ثم تخصص في آداب اللغة، وكان بعد تمكنه من إتقان القواعد العربية وقوانينها العاصمة للسان من الخطأ يحسن خمس لغات أجنبية في مقدمتها اللغة الانجليزية، وقد أشار إليه بعض أساتذة الكلية بأن يتجنس بالجنسية المصرية ليتاح له التدريس بالقطر المصري فأبى إلا أن يبقى على جنسيته الجزائرية، ثم عرض عليه التدريس بالكويت فوقف ذلك على استشارتي فأبيتُ وحتمتُ عليه العود إلى الوطن الذي هو في الوقت الحاضر أحوج ما يكون لأمثاله، فامتثل وعاد من فوره يحمل علما نافعا ومعارف واسعة، جالبا معه كمية كبيرة من الكتب في علوم مختلفة جلها في علم الاجتماع والاقتصاد والعلوم الطبيعية بالعربية والانجليزية والفرنسية،…
… وهكذا بعدما اجتمع شملي، وقرت عيني ببلوغ أملي وتمت علي نعمة ربي بولد كنت أرجو أن لا ينقطع عملي بواسطة دعائه لي بعد مماتي، وقد ورد (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث إحداهما ولد صالح يدعو له) بعد هذا كله قُبض عليه، ولم يمض على عودته من مصر سوى أربعة أشهر، وفي اليوم الثالث من قيام الثورة الجزائرية هجم عليه البوليس السري وساقه إلى السجن ثم سَلط عليه أعوانه القساة القلوب الغلاظ الطبع، فعذبوه عذابا لا أظن أن أحدا عُذب مثله، على أمل أن يبيح لهم بأسرار جبهة التحرير الوطني التي هو واحد من رجالها، ومن كبار المسيرين لها، وكان يتردد بين القاهرة وباريس لمأموريات تكلفه بها الجبهة، وكانت الحكومة الفرنسية على علم من ذلك كله بواسطة عيونها والمتزلفين لها، لهذا قبضت عليه بمجرد قيام الثورة ونكلت به تنكيلا على ما ذكرنا، ولما أعياها أمره بعد تهديده بالقتل وبعد تصميمه على التضحية بنفسه العزيزة، نقلته إلى الجزائر العاصمة ليجدد له البحث هناك، ولكنه نُقل ميئوسا من حياته، إذ لم يلبث في إدارة البوليس السري بالعاصمة إلا عشية أوضحاها حتى زهقت روحه الغالية، وذهبت نفسه الزكية من شدة آلام المعاملة القاسية التي كان يُعامل بها في سجن إدارة البوليس بوهران، ولقد عصمه الله تعالى من أن يعامل بمثلها في العاصمة فنقله إلى جواره بعدما أكرمه بالشهادة.
ولما صار أمام موظفي الإدارة بالعاصمة جثة هامدة، لفوه في خِرقة وحملوه مسافة أربعين ميلا من البلد وألقوه في البحر ليلتقمه الحوت، ولكن البحر أبى أن يشارك في هذه الجريمة الفظيعة، فلفظه بالساحل حيث وجد جثمانه مهمَّشا، وأوصاله متقطعة حسب ما نشرت جرائد فرنسية باريسية في افتتاحيتها بعناوين ضخمة، ولما استفسرتُ المراجع العليا عما نشرت تلك الصحف، نفت أن يكون لها علم بذلك، وإنما الذي في علمها هو أن الولد هرب من السجن وإنما أصدرت عليه الحكم في غيبته بخمس سنوات سجنا وبخمس نفيانا وبغرامة قدرها من الفرنكات مائة ألف وسبعون ألفا؛ هذا ما أجابتني به تلك المراجع، تحاول عبثا إخفاء أعمالها الوحشية المنافية للإنسانية بتمويهات وأكاذيب يكشفها الواقع المشاهد.”