على ضفاف وادي جازان

✍ علي الخبراني :-

أجادك الغيث أم فاضت مآقينا
على ضفافك من ذكرى أماسينا

ما إن وقفت وجال الطرف ملتمساً
مجالساً شوقها مازال حادينا

في ظل وارفةٍ اغصانها رقصت
مع النسيم على انغام وادينا

للسيل معزوفة ما ملّ سامعها
والطير ألحانها أحلى أغانينا

وقُرب مجلسنا تختال فاتنة
لولا الرقيب لكان الثغر ساقينا

خاضت بأقدامها في السيل عامدةً
فهاج من كشفها للساق غاوينا

وجاء أترابها من هاهنا وهنا
سبعاً وثامنةً قامت تناجينا

قالت بغنج ومالت في تعكنها
في الماء نلهو وقد تبدو خوافينا

وقرب مجلسكم منا يؤرقنا
وخوفنا أن يرانا بعض حامينا

قوموا وخلوا لنا ما كان مجلسنا
بالأمس كنا به نحكي حكاوينا

فعارضتها التي كانت تغازلنا
ماذا تريدين ؟ هذا ليس وادينا

أضيافهم نحن جئنا من عرائشنا
نمد للعاشق المضني أيادينا

حتى إذا ظننا بالوصل نسعفه
كنا كعزة لا تُرعى مراعينا

هيا لنرسم فوق الرمل اسهمنا
في قلب من شفّهُ يوماً تصابينا

ما العيش إلا إذا كنا بعاشقنا
نلهو ويَحْسَبُ أن الحب طاوينا

ماذا تقولون في قولي ؟ فقلن لها
قد كان ما قلت في ماضي ليالينا

أمّا وقد شفنا ما شفّهم وإلى
لقيا أحبتنا تاقت أمانينا

وغالب الشوق فينا كل عاذلة
وللوصال دعانا اليوم داعينا

فالعيش يكمن في خل نعانقه
ورشفةٍ من ثنايا من يحابينا

قالت فهيا إذاً لا خوف يمنعنا
وفي مجالسهم نزهو بكاذينا

فإنما اليوم يومٌ غاب عاذله
بين الأراك وظل الغيم كاسينا

فقلن أحسنت هذا جل غايتنا
وقمن يتبعنها سلمى وتالينا

قلن السلام فقلنا حيّ زائرنا
يا سكراً قد تحلّى منه شاهينا

وقمت نحو دلال البن أسكبها
فعانقت نشوة البن الرياحينا

جلسن محتشمات قلن غايتنا
شعراً ويا حبذا من شعر ساقينا

لقد سمعنا له وصفاً لفاتنة
فَغِرْن منها وكانت لا تظاهينا

فقلت لا والذي سواك جوهرةً
ما كان غيرك يوماً في قوافينا

ألم تكوني بظل الجسر سيدتي
تسائلين سعاداً عن اسامينا

فجاوبتكِ وقالت شاعرٌ لبقٌ
أباح في شعره زوراً تلاقينا

وحوله فتيةٌ كالدر يجمعهم
عقد المحبة في سقيا مذارينا

وكل آمالهم في ساعةٍ خفقت
بها الأماني وفيها غاب واشينا

فقلتِ شهراً وبعد الشهر ننظرهم
والشين في شهرنا ابدلتها سينا

ومرّ شهرٌ وبعد الشهر أربعة
وما لنا غير ما تذري مآقينا

قالت أأنت الذي أحصبتنا حجراً
كتبته بدمٍ ” جَرْحَى فداوينا”

جرحت كفك عمداً كي نضمدها
وما مرادك إلّا شمّ كاذينا

وبعد تضميدنا للجرح قلت لنا
ياليت مثلك نلقى في مشافينا

أطلت في المدح كي تبقى بجانبنا
أكنت تحسب ما تبغيه خافينا

والآن يا عاشقاً جئنا بأنفسنا
فهات شعرك واسرح في مغانينا

أنشدتها كل لحن قد تخيّره
لِسِفْرِهِ أصفهاني في أغانينا

وزدتها بعض شعري كي أعاتبها
على زمانٍ مضى كانت تجافينا

فأومأت خجلاً ما كان يمنعنا
سوى مخافةَ أن تُرعى مراعينا

وحان وقت مغيب الشمس فانصرفت
وعاد للقلب شوقٌ في تلاقينا

على ضفافكَ يا جازان قافيتي
كتبتُ لكنها كانت لماضينا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى