حكاية مكان : أضواء جديدة لقبيلة العذاورة التاريخية “الجزء الثاني”

تاريخ حاضرة المدية و التيطري

بقلم الأستاذ رويبح عمر
.
كتبنا في الجزء الأول أن منطقة قبيلة العذاورة التاريخية منطقة بها آثار رومانية من أعمدة مكتوبة بالاتينية في محيط سوق الخميس و الساحة الرئيسية للمدينة اضافة الى سور روماني يقدر طوله ب 1 كلم ما يعني أن المنطقة كانت ربما بها قاعدة عسكرية أو حصن دفاعي تابع لمدينة رابيدوم العسكرية الكبيرة ، كما كتبنا عن أعمدة لا نعلم وجهتها عثر عليها هناك هل تم نقلها لمتحف الآثار القديمة في الجزائر أن نقلت الى فرنسا .
في الفترات الاسلامية الحقبة الرستمية و العلوية الكثير يذكر و يعرج على أن شلالة العذاورة كانت عاصمة امارة هاز العربية العلوية ، رغم أن المؤرخين اختلفوا في موقعها لكن البكري أورد فقرة عنها و تشمل فهلا منطقة شلالة العذاورة و كل التيطري الجنوبي ، يقول البكري : ولحق بالمغرب ايضا من العلويين الحسن بن سليمان بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ونزل مدينة هاز القريبة من المسيلة. وكانت له من تلك الجهات مملكة. و يكتب مبارك الميلي في كتابه تاريخ الجزائر في القديم و الحديث أن امارة هاز كانت تشمل كل المنطقة من البويرة الى غاية قصر البخاري مرورا بشلالة العذاورة يقول : امارة هاز تمتد من ناحية البويرة على مقربة من جبال جرجرة الى نواحي زاغز الشرقي الى نواحي قصر البخاري فتشتمل على سهل حمزة الفسيح. وبهذه الجهة من القرى اليوم عين بسام وسور الغزلان وسيدي عيسى وغيرها،واستمرت مملكة هاز لبني الحسن حتى ظهرت دعوة الشيعة وأخذ بها زيري بن مناد الصنهاجي. فأجلب على مدينة هاز وخربها. وفي أيام المعز بن المنصور أجلب قائده جوهر على هذه المملكة وقضى عليها ، قال ابن خلدون: وحمل بني حمزة منهم الى القيروان. وبقيت منهم بقايا في الجبال والأطراف معروفون هنالك عند البربر. وذكر الادريسي مدينة هاز بين المسيلة وآشير فقال: ومن أشير زيري الى قرية سعيد مرحلة، وبها عين ماء جارية، ومنها الى قرية هاز في فحص رمل مرحلة وبها عيون مياه، وقد خربت، ومنها الى المسيلة مرحلة ، فحسب موقع المراحل بينها و بين أشير و المسيلة فنعتقد هاته المدينة كانت موقعها في شلالة العذاورة ، الموثق المؤكد هو امارة هاز كانت من ضمن أراضي قبيلة شلالة العذاورة الى غاية قصر البخاري أي في حدود اقليمها، و يرجحها مبارك الميلي بعين بوسيف ، تبقى الدراسات و الوثائق و المخطوطات نادرة جدا عن هاته الإمارة العلوية .
في الفترة العثمانية كانت العذاورة من ضمن اقليم التيطري و تابعة للبايات ، في فترة الباي مصطفى بن سليمان الوزناجي سنة 1775م جرى خلاف كبير في حدود قبيلة العذاورة و قبيلة اولاد علان فحل فيهم الباي مع الأتراك و جيشه و عرف أن الخلاف قديم جدا بين القبيلتين ، فقام الباي الوزناجي بنفسه مع أعيان القبيلتين بحل الخلاف و صعدا الى منطقة كاف تسمسايل و حدد في الجبل نقطة حدود القبيلتين ، و قد بقيت بصمة الباي الوزناجي الى يومنا في تلك المنطقة التي تسمى بطبة الترك .
في فترة الباي اسماعيل أصبحت العذاورة من ضمن قيادة الديرة التي ترأسها الكروغلي فايز الله سنة 1813م و قام ببحث عن شخص يقود قبيلة العذاورة في تلك الفترة فعين الشيخ قويدر بن سالم على رأس العذاورة شخص شجاع و قوي ، في فترة الباي اسماعيل رفض اولاد سي موسى ضريبة العشور و وضعوا كل قطعانهم للماشية في عين شلالة وسط قبيلة العذاورة بحضور الكثير من سكانها و من بين الماشية التي كانت هناك الجمال و خلقت بلبلة هناك ، عسكر الباي اسماعيل قبالة القبيلة غير بعيد و في احدى الليالي هاجم بجيشه على اولاد سي موسى هناك لكنه خسر المعركة و أصبح مرعوبا ، يستدعي بعدها شيخه الموال له المعين من طرفه قويدر بن سالم وأراد أن يعدمه لكن نزع عنه برنوس القيادة للعذاورة الغرابة،أما العذاورة الشراقة فكانت القيادة لمحمد بن سويدي من اولاد دغيم ، و هاته الحادثة هي التي جعلت من العذاورة تنقسم الى قسمين الغرابة و الشراقة الى غاية كتابة التقرير 1880م ، في فترة الباي مصطفى بومزراق الرجل الذي نضم بايلك التيطري كاملا كان يقوم بعدة جولات الى العذاورة لتفقد أحوالهم و كانت له زيارات متعددة لموقع جميل في العذاورة يخيم فيه لعدة أيام مع جيشه لازال الموقع اليوم يسمى كدية الباي مصطفى .
في فترة الأمير عبد القادر كانت العذاورة من ضمن جيشه للتل و بايعوا الأمير عبد القادر و جعل عليهم الآغا محمد بن قويدر الذي شارك بجيشه مع معارك الأمير في المنطقة رفقة الخليفة أحمد الطيب بن سالم الدبيسي ، الى غاية سنة 1842م و هي السنة التي رضخت فيها جل قبائل التيطري دخل الجيش الفرنسي للعذاورة بفيلق كبير رضخ من خلاله أعيان القبيلة طوعا ، لكن الرضوخ لم يدم طويلا ليتجدد الصراع و الحرب بين العذاورة و الفرنسيين سنة 1843م هاته المرة حاربوا مع الآغا المحارب الشهم بن عودة المختاري الذي كان في صف الأمير عبد القادر مع خليفغة المدية امحمد بن عيسى البركاني و أصبح جيش العذاورة كله تحت قيادة بن عودة المختاري و حاربوا كل الجنرالات من 1843 الى غاية 1848م ، ملري مونج و كامو و الجنرال يوسف فانتيني و الدوق اومال و دوفيفيي الذين أتو من المدية و حارب العذاورة كذلك ضباط المكاتب العربية الذين أتوا من اومال سور الغزلان اليوم و كانو دائما في صراع معهم حتى نواحي سنة 1864م أين عم الهدوء في العذاورة و عين محمد ابن احمد بن الباي مصطفى بومزراق قايد عن الشراقة بعد انهاء مهام الضابط حمود ، لتغرم القبيلة من طرف الفرنسيين بقيمة 25 ألف فرنك فرنسي .
سنة 1865م عم الجراد في قبيلة العذاورة و في سنة 1866م كارثة الجراد تفتك بجل محاصيل القبيلة ، ليأتي الجليد و البرد في الموسم الشتوي لسنة 1867م و يعم الفقر و الجوع في العذاورة في تلك السنة عام الشر ثم يفشو مرض الطاعون الذي لم يقتل الكثير حسب التقرير ، سنة 1869 يتعرض القايد محمد بن احمد بن الباي بومزراق الى محاولة قتل و طعن من ثلاثة أبناء من العذاورة الغرابة لكن لم يمت و نقل الشبان الى سجن لالة عودة بأورليون فيل الشلف اليوم.
سنة 1871م في فترة ثورة المقراني ، يضرب لنا اهل العذاورة درسا في المقاومة و تكتب الأرشيفات أنهم شاركوا في ثورة المقراني و كانت لهم علاقات مع الزعيم الشيخ المقراني و الشيخ الحداد عن طريق ممثلين للقبيلة و قاموا بخلق بلبلة في سوق القبيلة ثم نزل جنود العذاورة الى سيدي عيسى و جرح خلالها قايد القياد مسعود بن الزواوي الموالي للفرنسيين الذي جرحه هو المقاوم لخضر بن محمد بن قويدر أما أخوه بوزياني بن محمد بن قويدر فقتل من طرف ابن قايد القياد الطيب بن مسعود بن الزواوي .
بعد ثورة المقراني يصبح مسعود بن زواوي قايد الغرابة و محمد بن باي بومزراق يعوض ب العمري بن يوسف بن القير سنة 1875م يعوض العمري بن يوسف بن القير ب ضابط الصبايحية عبد القادر وليد بلقاسم الذي مات سنة 1876م و عوض ب الصبع بن الصبع ، سنة 1880م يصبح قايد الشراقة سالم بن محمد بن غربة من اولاد دريس 1891 يصبح قايد الغرابة بن عروس بن لخضر .
يوجد بالقبيلة سوق مهم جدا يأتيه الناس من كل حدب و صوب في عين الشلالة التي تتوسط التل و القبيلة كان يقام كل يوم خميس تباع فيه منتجات القبيلة منها البرانس التي كانت تحاك من نسوة القبيلة و نسيج الخيم و كذا الغرارات و كذا مختلف أنواع الحبوب و حتى البطاطا و كذا الماشية و يوثق التقرير أن بقبيلة العذاورة صنف نادر من أصناف الماعز لحمه طيب و يتميز بكبر حجمه .
في احصاء لسنة 1891م بالقبيلة 9807 شخص ، يتبع سكان القبيلة الطريقة الرحمانية و شيخهم محمد بن بلقاسم ، ليأتي قانون المشيخة المعروف بالسيناتوس كونسولت و يقسم أراضي العذاورة سنة 1887م الى دوارين هما دوار زملان أو لرضية و دوار طافراوت أو دوار معيزة و يجسد بداية من سنة 1891م.
سنة 1910 تفصل الأرشيفات فيها دوار زملان في محل العذاورة الشراقة و دوار طافراوت مكان العذاورة الغرابة ، البرج القديم وعين شلالة و السوق من المدينة اليوم كانو من ضمن العذاورة الغرابة أي في الخرائط القديمة كانت المدينة في دوار طافراوت الغرابة قديما، اقتطعت الكثير من أراضي الملاك الأصلين و أعطيت للكولون في قانون السيناتوس كونسولت بغير وجه حق.
هي لمحة موجزة عن قبيلة العذاورة التاريخية ، تحياتنا لكل سكان الشلالة .
تاريخنا أمانة فلنحافظ عليه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى