الاعتكاف

حبيب الرحمن عبدالحكيم الأزهري

الاعتكاف سنة في العشر الأواخر من رمضان، وهو لغة: اللبث والحبس والملازمة على الشيئ خيرا كان أو شرا، قال تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) البقرة:187
وقال تعالى: (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) الأنبياء: 52
وشرعا: هو اللبث في المساجد من شخص مخصوص بنية.
أن النبي صلى الله عليه وسلم (اعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى) صحيح البخاري: (2026)
وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) صحيح البخاري: (2024)

مقاصد الاعتكاف :
1- تحري ليلة القدر:
إن من فضل الله على هذه الأمة المحمدية في هذه العشر  ليلة هي خير من ألف شهر تعدل عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، فهي أعظم نعمة ووأعلى منحة، وفرصة ربانية لا يوفق لها إلا المخلصون لله أعمالهم، العاملون للصالحات، التائبون لربهم، الخائفون منه سبحانه، الراجون لرحمته وغفرانه يقول فيها جل وعلا : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4 (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) صحيح البخاري: (1901)

فهي ليلة مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها ، وهي خير من ألف شهر في الفضل والبركة والشرف، وفيها تتنزل الملائكة وهي سلام للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذابها.

2- إصلاح القلب:
إن مدار قبول الأعمال الصالحة على القلب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) صحيح البخاري: (52)
أكثر ما يفسد القلب : الشواغل التي تصرفه عن الله من شهوات الطعام والشراب والنكاح وفضول الكلام والنوم والصحبة، لذا شرع الله تعالى لنا طاعات تحمي قلوبنا من تبعات هذه الآفات وتتقدم إلى الجنات.

3- حفظ الصيام مما يفسده:
ليس فرصة أعظم من الاعتكاف لاقتناص هذا الكنز فلا مجال فيه لإطلاق بصر أو مشاحنة خصم أو شجار زوج أو حسد قريب أو جرح لسان أو غير ذلك.

4- اختبار الإخلاص:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من استطاع منكم أن يكون له خبئ من عمل صالح فليفعل) والاعتكاف يعين على هذا.

5- حب المكث في المسجد:
المسجد هو سفارة الله في الأرض،- تعويد النفس على إطالة المكث في المساجد وتعلق القلوب بها لذا فإن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله ، (ورجل قلبه معلق في المساجد،) صحيح البخاري: (660)
إن الماكث في المسجد ينتظر الصلاة له أجر الصلاة وتستغفر له الملائكة وسبب في محو الخطايا ورفع الدرجات.

6- حان وقت الفطام:
من أكثر الشهوات شيوعا وتغلغلا في مجتمعاتنا: التدخين وسماع الأغاني، ولزوم رفقة السوء، وغير ذلك مما يجعل الإنسان عبد شهوته وأسير هواه وملك شيطانه، لذا تأتي فترة الاعتكاف ليدخل النور إلى القلب فيزيح الظلام ويحل الأمن والسكينة .

7- مدرسة الصبر:
يربي النفس على الصبر على الطاعة  وقطع دابر الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والصبر على ما فقد مما ألفته نفسك من أنواع الطعام المختلفة و الفراش الذي ينام عليه الإنسان وعن شهوة الزوجة وغير ذلك.

8- الخلوة بالله عز وجل:
إن أول المسير إلى الله الخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، وأول ما ابتدأ به النبي صلى الله عليه وسلم أن حبب إليه الخلاء فكان يخلو في غار حراء.

وقول الشاعر:
يخفي صنائعه والله مظهرها
إن الجميل إذا أخفيته ظهرا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى