الكشافة السعودية تفقد أحد رموزها وقادتها المخلصين
✍مبارك بن عوض الدوسري :-
الحمد لله على قضائه وقدره.
فجعنا فجر يوم الجمعة 16 رمضان 1444هـ الموافق 7 أبريل 2023م، بنبأ وفاة الرائد الكشفي إبراهيم حمزة كردي ، عن عمر يناهز الـ 85 عاماً ، قضى جلها في الميدان التربوي والتعليمي والتطوعي من خلال الكشافة التي عشقها وعشقته فأعطاها كل ما عنده في شبابه ، وحتى في كبره بعد التقاعد من العمل الوظيفي الرسمي وقبل أن يداهمه المرض ، حيث كان يتدفق حيوية ونشاطاً ، يًشارك زملائه بثاقب خبرته وصواب رأيه ، يُجملها بسمات جليلة وخصالاً حميدة تدلت في تميز علاقاته وحسن تعامله وفي هدوئه وتواضعه، وتأكد لي ذلك من كم العبارات التي تناقلها زملائه ومحبوها عبر وسائل التواصل فور انتشار خبر وفاته – رحمه الله- حيث سطر الجميع الكثير من مناقبه ، وأن الكشافة السعودية بفقده فقدت شخصية تربوية تطوعية مثالية مرموقة حمل بين جوانحه هم الكشفية والإعلاء من شأنها ، فقد كان مساهماُ في صناعة قادة الكشافة بالمدينة المنورة ، وأسهم في مسيرة تواجد الحركة الكشفية بها وتطويرها ، كما كان عند تأسيس رابطة رواد الكشافة السعودية من الشخصيات التي تم الاستئناس برأيها فقد كان رائداً كشفياً حقيقياً تثق في معلوماته وبآرائه المتزنة ، وبصراحته عند إبداء الرأي الموضوعي.
كتب عنه الإعلامي والرائد الكشفي فهد محمد الجهني في أحد المطبوعات الكشفية عام 1426هـ، أن إبراهيم كردي “أحب الكشفية فأحبته، أعطاها العطاء والإخلاص وأكتسب منها الخبرة والتجربة والدراية والقيادة “، كما كنت قد كتبت عنه شخصياً مقالاً قبل سنوات ذكرت فيه أنه على مر التأريخ الكشفي السعودي الذي تجاوز الثمانية عقود ، برزت العديد من القيادات الكشفية التي جمعت بين القيادة والتربية ، وهو الأمر الذي يفترض أن تضطلع بها الحركة الكشفية ، باعتبار الكشفية ميدان تربوي هام متى وجد الشخص المؤهل والمؤتمن على الأبناء الذين تحت قيادته ، ومن بين الذين عُرف عنهم ذلك الأمر وأصبح مثالاً يحتذى في جيله ، ولازال أثره باقياً على تلاميذه القائد الكشفي ابراهيم حمزة علي كردي ، الذي يؤمن أن الحركة الكشفية ليست حركة خدمة عامة فحسب بل أنها حركة تربوية تتخذ من الخدمة العامة وسيلة وهدفاً في نفس الوقت ، وهي في ذلك تعبر تعبيراً سليماً عما ترتكز عليه معظم الفلسفات التربوية الحديثة بهدف الارتفاع بمستواها والمساهمة في تطويرها ، وأن التنظيم الكشفي لا يجسم فقط فلسفة التربية التقدمية ، بل هو يأخذ أيضاً بكثير من مبادئها وأسسها ، وهو بذلك يؤكد أن الحركة الكشفية لا تعمل على إعداد أفرادها لمواقف محددة ثابتة بل تطالب كلا منهم بأن يكون دوماً على استعداد لمواجهة المواقف المختلفة التي قد يتفاجأ بها ، ولعل شعار “كن مستعداً” يعبر عن هذا الاتجاه فهو يعنى أن المرء يجب أن يكون في حالة تيقظ واستعداد مستمر بحيث يكون مستعداً لأى موقف غير متوقع في الظروف العادية، بمعنى أن الفرد لا يعد لكل موقف على حده ليعرف طريقة التصرف في هذا الموقف بذاته بل يعد بصفة عامة ويدرب لمجابهة أي موقف والتصرف فبه بنجاح معتمداً على نفسه.
كما يحضرني أنه رحمه الله قد كتب موضوعاً عام 1423هـ في صحيفة الندوة جاء فيه” نواجه في حياتنا اليومية الكثير من المواقف السلوكية التي تحتاج منا نحن من يهمه امر الشباب المسلم ان نتخذ معها موقفا حازما تجاه بعض اولياء الامور المسرفين في تدليل ابناؤهم الى حد الانحلال الخلقي حيث يعينونهم على الفساد وخاصة في فترة سن المراهقة ويظنون ان سعادة ابنائهم هي توفير جميع مطالبهم واعطائهم المال ووضع جميع الامكانيات ملك ايدهم وتحت تصرفهم، ان تعليم هؤلاء الاخلاص لا يكون بفرض مبادئ اصلاحية معينة يتجاوزها ولي الامر ولا ان نترك لهم الحبل على الغارب وانما يجب علينا ان نعطيهم قاعدة ثابتة من المبادئ الاخلاقية السامية التي جاء بها ديننا الحنيف مع اتاحة الفرصة لهم في نفس الوقت لاتخاذ قرارات على اساس هذه المبادئ القيمة السائدة في مجتمعنا الاسلامي، وواجبنا نحن في الحركة الكشفية ان نلم ببرامج ومشروعات رعاية الشباب وما يناسب مستواهم واهمية رعايتهم والمحافظة عليهم حتى نضمن بإذن الله مستقبلهم من خلال اعدادهم وزرع الثقة في نفوسهم والامان بالله عز وجل وشغل اوقات فراغهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم.
رحم الله القائد والرائد والتربوي إبراهيم حمزة كردي، فلقد رحل عن دنيانا في شهر رمضان، وهو دليل تفاؤل على حسن الخاتمة.
غفر الله وأسكنه فسيح جناته.