*اصنع سعادة*

✒️ صَالِح الرِّيمِي :-

من منطلق الموقف النبيل الذي سأرويه لكم قصة كنت شاهدًا عليها، لا يجب أن نستهن بأي عمل خير حتى لو كان صغيرًا، فقد يكون أثره كبيرًا، فبعضنا قد يترك الصدقة بحجة أن ليس لديه مال إلا القليل وأن ماعنده إلا راتبه البسيط، بالتجربة من مارس عادة العطاء حتى ولو بالقليل، وجد البركة في ماله وحياته..
والصدقة أجمل من الجفاء والإعراض عن العطاء، وهي تمنح شيء من السعادة للفقراء، وأفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى الصدقة التي تدخل السرور والسعادة على الفقراء والمحتاجين، وهي دليل على صحة إيمان العبد بربه، ويقينه بأن الرزق بيد الله تعالى وحده.

من عنوان المقال “اصنع سعادة”، قبل أشهر كنتُ في صنعاء وحدث أمامي موقفًا نبيلًا من سائق باص دخله على قد حاله. لكنه كان رجلًا شهمًا، حيث ركب الباص رجل كبير في السن، وكانت تظهر على الرجل علامات الفقر والعوز والحاجة، وعند الركوب قال لصاحب الباص ترى ما عندي أجرة المشوار، قال له السائق: تفضل أركب ياعم..
إلى حد هنا الأمر طبيعي وقد يفعل هذا الكثير من الناس، وفي نصف الطريق مد يده سائق الباص واعطى مبلغًا لا أعلم كم هو، ثم وضعه في جيب الرجل المسن، والرجل المسن يمانع، لكن إصرار السائق وافق الرجل المسن بأخذ المبلغ، والله أني احتقرت نفسي أمامه، وسألت الله أن يرزقه وأمثاله من حيث لا يحتسبون، انتهى الموقف النبيل، ولكن لم ينته الخير في الناس وخاصة البسطاء منهم.

علاج قد يغفل عنه بعض الناس هو التداوي بقضاء حاجات الناس والسعي في تنفيس كرب المحتاجين والصدقة على الفقراء والمساكين وإدخال الفرح والسرور والانس والبهجة إلى قلوبهم، ومحاولة تلمس حاجاتهم، لاتقل سأجرب، بل بادر إليه، فكم شفى الله مريضًا بقضاء حاجة مضطر، مالية أو غير مالية، جعلنا الله وإياكم ممن تقضى على يديه للناس حاجات، وأعلم أناسًا كُثْر قضوا حوائج للناس فقضى الله حاجاتهم وشفى الله مرضاهم.

*ترويقة:*
واحدة من أجمل الأشياء في الحياة تلك القلوب التي تتقن صناعة السعادة، وتحب أن ترى ابتسامة هي السبب في صنعها، لكن ثمة أمر لا احبذه في الصدقة، وهي الصدقة في العلن قد تجرح كرامة المحتاج، فلا تفعل على الملأ معروفًا يمكن فعله بالسر، وقبل أن تجود على شخص بما يحتاج، أعطه احترامه وتقديره..
ورسالة إلى أصحاب الأموال أجعل لنفسك صدقة جارية تظل تجري بلا توقف حتى تمسك بيدك وتفتح لك باب إلى الجنة، فالصدقة ليست مال وكفى، بل هي إنسانية ونبل وحب تقدم في قالب أخلاقي قويم.

*ومضة:*
قال تعالى: «فما تقدمون لأنفسكم من خير تجدوه عند الله فهو خير وأعظم أجرًا».

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى