ليلة شتاء دافئة في يوم التأسيس
د.سعود بن صالح المصيبيح
“ليلة شتاء تروى برذاذ المزن في حين أن هناك ليال تروى بزخات من القنابل، وشتان مابين رحمة وابتلاء ومابين سبات وهلع ومابين شبع وجوع ومابين أمن وخوف. “.
إذاً نقول كما قال الله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث).
قالها صديقي وهو يمسح بيده على رأس طفله الصغير ويحتضنه قرب المدفأة فيشعر بالحب والمودة وطعم الأبوة ويذوب الطفل في سعادة وسط روعة المشاعر وحنان الاحتواء ورقة الأجواء.
قلت له صدقت وهل هناك أجمل وأعظم وأفضل من نعمة الأمن؟.
وهل هناك خير وتعليم واقتصاد ونماء بدون أمن؟.
وهل ستنعم بطفلك وأسرتك وطعامك بدون أمن؟.
وهل هذه الليلة الشتوية الدافئة التي نعيش فيها في وطن آمن مستقر مثل ليالي الشتاء وسط القنابل والخوف والهلع والاضطرابات والمظاهرات، ولهذا هناك من تجرفهم الأهواء وينخدعون بالشائعات والدعاوى المضللة ولا يدركون نعمة الأمن وسيادتها وخطورة الإرتباك (لا سمح الله) وأثر ذلك على أمن أسرته ومجتمعه ووطنه ، لأن الغوغاء والجهلة والمجرمين سيجدون ضالتهم في السرق والنهب والاعتداء على الأعراض والممتلكات في حالة الفوضى وانعدام الأمن.
وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم(من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).
وهذا الحديث يلخص بكل اختصار معاني الحياة وجماليات العيش الآمن، والوصول إلى السعادة التي يرتجيها الإنسان لذريته.وأولها أن يبيت آمناً في سربه، بمعنى أن يبيت ويستغرق في النوم وهو سعيد في مقر سكنه بين أسرته، فإن هذا الأمان نعمة كبرى من الله سبحانه وتعالى، لايدرك قيمته إلا من افتقده.
والملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) موحد هذا الكيان، له فضل كبير على هذه الأرض المباركة بعد الله سبحانه وتعالى وذلك في أن ينعم المواطن والمقيم في تطبيق هذا المفهوم العظيم، وهو الأمن في السرب، وهذا امتداد للدولة السعودية الاولى على يد الأمام محمد بن سعود قبل 300 سنة ثم الأمام تركي بن عبدالله رحمهم الله جميعا .وذلك بعدة أمور أهمها تطبيق الشريعة الإسلامية التي كان لها أبلغ الأثر في استتباب الأمن (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)،
فكان أن عمل الملك عبدالعزيز على تأسيس الأنظمة الإدارية للشرط وحرص على دعمها وأقام العدل، وحارب الجريمة وضبط النظام، فانعكس ذلك على الوطن وصار مضرب المثل في الأمن والطمأنينة والسكون.
وتروي لنا الكتب الموثقة قصصاً مأساوية عن الأمن قبل عهد الملك عبدالعزيز، وكيف كان قطاع الطرق واللصوص، ومقتحموا البيوت لا يجعلون الناس يأمنون على أنفسهم، فجاء الملك عبدالعزيز بعون من الله ثم بحزمه وعدالته فطمأن الأنفس، وأوجد الأمن، وحارب الجريمة حتى شهد الحجاج والمعتمرون في عهده أمناً واستقرارا أسهم في نشر الإسلام في جميع أنحاء العالم، حيث تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين إلى عهدنا هذا.
وتروي مجلة المنار المصرية في عددها 30ـ2ـ1343بأن الحالة كانت سيئة في الحجاز، وأن الحجاج كانوا يقتلون وينهبون في العهد الذي سبق الملك عبد العزيز، ثم في عددها 29ـ2ـ1346تذكر بأنه لا داعي لخروج المحمل المسلح لحراسة الحجاج، لأن الأمن في الحجاز خلال حكم الملك عبدالعزيز أتم وأكمل منه في مصر.
إنها صورة نقية صافية. ينبغي أن نحمد الله عليها، وأن نحافظ عليها وأن نتعاون مع رجال الأمن لتحقيق مقولة أن المواطن رجل الأمن الأول، فحافظوا على لحمتكم الوطنية، و قفوا ضد المرجفين والمندسين، فهم يريدون الفوضى والخراب وأن تزول نعم الأمن والدفء الجميل في ليلة الشتاء الطويلة حيث تؤدي صلاتك في مسجد حيك وتعود إلى أسرتك سعيدا آمناً مطمئناً وأن تشكر الله عز وجل على نعمة الأمن والآمان.
(لئن شكرتم لأزيدنكم ) .