صدع على وجه الحلم……
مريم الشكيلية /سلطنة عُمان….
إنني في منتصف شباط الشتوي أحاول أن أخرج قلمي إلى سطح ورق… أحاول أن أنقذ حرفاً من تحت أنقاض الحطام….
إنني أتمسك بحزمة من الأبجدية لتعينني على الوقوف بعد ذاك التعثر الضبابي وتلك الهزات الإرتدادية التي تناثرت على إثرها تلك الصلابة التي أوهمتك بها….
أحاول أن أمسك بضوء حرف يضيء تلك العتمة الخارجة من قبو الأيام الباهتة….
كنت قد وعدتك أن أعزف بفرشاتي لحن فراشات الربيع.. ولكن تلك الغيمة القاتمة التي زلزلت نبضي وقلمي وكذا عزفي أطاحت بفرحي…
أريد أن أخرج حرفاً إلى تلك الحقول الرطبة المكتضة بزهرة عباد الشمس.. وإلى أوراقي البيضاء التي تكسوها الثلوج لتنصهر كدفئ موقد في تعداد الرمق الأخير لفصل الحنين….
وعدتك أن تعكس كتاباتي ملامح وجهك وحضورك وفصلك الذي ينوب عنك في كل مرة…
وأن أغرس مفردة تحت ظل شجرة البرتقال لتهديك رائحة الأرصفة الجامدة…..
إنني أجلس مقابل هذا الخراب وهذا الضجيج الذي يصم الآذان في محاولة يائسة من إخماد الصوت الآتي من الأعماق، ومحاولة إستعادة هدوء هرب من قبضة النفس….
إنني أبحث عن أبجدية للإيجار بنكهة القهوة وطعم السكاكر الملونة التي أحشو بها جيب معطفي الصغير…
وكتابة نص أعيد فيه روعة الأشياء العالقة في أحاديثنا…
إنني أبحث عن عفوية الأشياء من بين ركام الحياة قبل أن تتجمد الأقلام الحبرية بإنحدار مخيف…
عندما كنت أخرج بقلمي إلى حقل سطري وأجلس على حافة الجرف الورقي كنت مؤثثة بترف الشعور ،وكأنني أرتشف الكتابة على مهل متعمد…
عندما كنت أسترق النظر إلى أحلامي الذاهبة إلى البعيد كنت أحاول أن أتشبث بالسراب الذي كان كالوجود الحقيقي الثابت….
إن الأجواء الكتابية التي تجوب الريف الورقي وتهمس بأن ثمة حلماً يكبر في رحم الورق بلا صدع…