*هل تتزوجني

✒️ صَالِح الرِّيمِي

العلاقة الزوجية هي علاقة خاصة، علاقة دافئة، علاقة تكاملية تفاضلية تسودها المودة والرحمة والسكينة، علاقة حميمة بين زوجين، علاقة تبدأ باسم الله وبكلمة الله، يباركها أهل السماء والأرض ويفرح بها الكون، علاقة مقدسة، علاقة بناء، علاقة مليئة بأجمل مشاعر وأعلى درجات من اللذة التى خلقها الله، علاقة لاستمرار حياة زوجين ارتضيا بعضهما على أكمل وأحسن وجه، علاقة بناء مشاعر الحُب فى الحياة، علاقة ينتج عنها بناء إنسان جديد تعمر به الحياة.

محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام في بداية شبابه وقبل بعثته عندما علمت امرأة بصدقه وأمانته وحسن خلقه، عرضت عليه المرأة ذات الحسب والنسب والمال والجاه السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بالزواج منه عليه الصلاة والسلام..
بالرغم من أننا نستمد الكثير من سلوكياتنا من ديننا وتراثنا، إلا أن هناك أمور ارتبطت بالعرف وبات من الصعب تجاوزها إلاّ في حالات نادرة وقليلة. ومنها طلب خديجة بنت خويلد رضي الله عنها من النبي عليه الصلاة والسلام الزواج.

صحيح أن المرأة المستقلة والمبادرة بطلب الزواج تشعر الرجل الشرقي بالإرباك، لأنها تخرج عن النموذج المتعارف عليه اجتماعيًا، وليس هناك في تربية الرجل ولا في المنظومة القيمية التي تحيط به مايهيئه للتعامل مع نموذج استثنائي كما في هذه الحالة..
والنساء أيضًا في مجتمعنا يجدن في هذا الأمر غضاضة كبيرة ويصعب عليهن الإقدام على مثل ذلك أو الاقتداء بأول نساء النبي عليه السلام. كما يجد الرجل أيضًا نفورًا طبيعيًا في نفسه من المرأة التي تعرض عليه الزواج، حتى وإن كان في ذلك إرضاء كبير لغروره.

من قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة رضي الله عنها، كنت أتجاذب الحديث مع المتابعين لي عبر الهاتف، حيث قال هل تصدق أن امرأة أرسلت إلى شخص أعرفه تمامًا رسالة واتس أب على الخاص، هذا الرجل ظروفه المادية ليست على مايرام، وبدأت رسالتها: “يا فلان هل تتزوجني؟”..
وهذه رسالة المرأة بالنص:
“يا فلان هل تتزوجني؟
أنا موظفة وعمري 30 عامًا ومعي شقة خاصة بي وسيارة مع سائق، وأريد رجل يسترني ويعفني، وفي نظري لن أجد أحسن وأفضل منك بعد تواصل دام عامًا كاملًا، لم أر منك إلا الأخلاق العالية والتواصل النبيل وحسن الأدب، لذا أنا الآن أعرض عليك الزواج على سنة الله ورسوله”!!
رد عليها الرجل الفقير بعبارة واحدة: “صحيح أنك فاجأتِني بهذه الرسالة، لكن والله أنتِ التي ستستريني، وأكيد أني موافق”.

حسب بيئة المجتمع غالبًا ما تخجل المرأة بالحديث أو التعبير عن احتياجها النفسي والجسدي والمادي حتى لأقرب الناس إليها، ولهذا تجد المرأة تفضل أن تكبت ذلك داخلها خشية أن يطلع عليه أحد، لأنها لو صرحت فربما تُظن فيها الظنون وسيقال عنها مايقال..
وليس معنى أن المرأة التي تفصح عن رغبتها بالزواج من رجل هي امرأة وقحة، ولكن معناه أنها وجدت من يفهم حاجتها ويقدرها ويبادرها الاهتمام والسؤال ويعطيها الأمان، فالمرأة محتاجة إلى رجل يملك إحساس مرهف ورقة في المشاعر وعلى قول المثل العربي: “يفهمها وهي طايرة”.

*ترويقة:*
هل جاء الزمن المتسارع في عصر التكنولوجيا وسرعة التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن المرأة تسمح لنفسها وتتخطى العادات والتقاليد وتخطب لنفسها زوجًا صالحًا إذا رأت فيه ما يسرها ويدعوها بالزواج منه؟
والسؤال هل يعتبر سيئًا أن تتقدم امرأة بطلب الزواج من رجل؟ هل يعتبر تصرف المرأة المعجبة بهذا الرجل وطلب الزواج منه فعل وقح وغير مقبول اجتماعياً؟ هل تعتبر جرأة المرأة غريبة في مجتمعنا؟

*ومضة:*
طبعًا شرعًا لا حرمة في فعل المرأة ذلك، لكننا عرفًا واجتماعيًا نحتاج في ذلك إلى تفصيل المسألة..
فمن يشاركني الرأي والتعبير، أكون له من الشاكرين؟

*كُن مُتَفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى