القائد الكشفي الراحل سعد المنصور والأثر الطيب
✍ مبارك عوض الدوسري :-
من القيادات الكشفية التي أعتز أن كنت أحد الذين تتلمذوا على يديها الرائد الكشفي الراحل سعد بن ناصر بن منصور المنصور، أحد أبناء روضة سدير في محافظة المجمعة والذي أنتقل إلى رحمة الله تعالى عام 2019م عن عمر يناهز الـ 63 عاماً تقريباً ، أمضى منها 35 عاماً في خدمة الحركة الكشفية، حيث تعود معرفتي به إلى عام 1982م عندما كان معلماً للتربية الرياضية في مدرسة أبي موسى الأشعري بالرياض، وكنت حينها أطبق التربية العملية في تلك المدرسة، وتوطدت العلاقة بيننا بعد أن التحقت بقطاع التعليم حيث جمعت بيننا عدة مناسبات كشفية داخل المملكة، كان رحمه الله حينها من الشخصيات الكشفية التي تعشق عملها ولا تحب الظهور وتترك عملها يتحدث عنها، وكانت سياسته وحكمته التي دائماً ما يرددها ” لا تخرج من تلك الدنيا إلا وأنت قد اضفت شيئاً يبقى من بعدك ، حتى يبقيك ذلك الأمر حياً” ، وقد لمست ذلك اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات على وفاته في موقف ومشهد أراه ماثلاً أمامي في أشجار قام على الاهتمام بها خلال دراسة كان أحد المشاركين فيها بمحافظتي وادي الدواسر من تحولها إلى واحة ظلالها وارف يستمتع بها المتنزهين، ليؤكد بذلك مقولة : ” أورث شيئاً رائعاً ، وارسم البسمة على الوجوه ، وأزرع الشجر لينتج ثمراً يأكله الناس وغير الناس، ويخلق ظلاً يفيؤون إليه متى احتاجوه” .
وأتذكر جيداً في حج عام 2010م وكنت حينها مسؤولاً عن الإعلام الكشفي في معسكرات الخدمة العامة التي تقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وكان رحمه الله متطوعاً في معسكر مشعر منى الجديدة الفرعي أن القى أمام المشاركين في المعسكر والذي كانت قوته على ما يربوا من 700 كشاف كلمة مؤثرة بدأها بعبارة ” لقد آن الأوان أن استريح ” وتحدث حينها والدموع تغالب عينيه من انه قدم كل ما لديه لتلك الحركة الكشفية المباركة، وأنه خدم وطنه من خلالها متطوعاً وتعرف خلال حوالي 35 عاماً على الكثير من الشخصيات وزار جميع مناطق ومحافظات المملكة تقريباً، وأبكى حينها الحضور حينما قال: أنني انظر إلى كل واحد منكم على انه ابني ولم اعهد في نفسي يوما في تلك المعسكرات أن خلدت للنوم قبل ان أطمئن على الجميع ، وقمت بزيارة من هم على الأسرة البيضاء في عيادات المعسكر، وكنت احرص كثيرا أن اطمئن بعد انتهاء العمل إلى أن الجميع وصل إلى أهله وذويه وواصل حديثه حينها أن لديه الكثير من الهدايا التي يعتز بها والتي قدمها له أبناؤه الكشافة وأنه يفتخر بها خصوصا وأن الكثير منهم أصبحوا اليوم ضباطا ومهندسين وأطباء ، ولا زالوا على تواصل معه في كل المناسبات وقال إنه يعلن اليوم تركه لهذا العمل الميداني الذي أصبح لا يقوى عليه وانه سينضم إلى رابطة الرواد الكشفيين حتى يبقى قريبا من زملائه ومن الميدان الكشفي الذي أحبه حبا لا يمكن التفريط به بسهولة.
ذلكم هو سعد المنصور الذي أكد في مشوار حياته أن الأثر الطيب الذي يصنعه الفرد منا في مسيرة حياته هو أرثه الذي يبقى .
كان آخر لقائي به عام 2010 خلال تكريمه في الحفل الرابع للتكريم الكشفي والذي رعاه حينها في قاعة الاحتفالات بجامعة الملك عبد العزيز في محافظة جدة صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التعليم رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية – آنذاك- حيث تم منحه وسام القيادة البرونزي.
رحمك الله قائدي أبا ناصر لقد كنت نعم القائد القدوة وأنا أرى حكمتك المشهورة ” لا تخرج من تلك الدنيا إلا وأنت قد اضفت شيئاً يبقى من بعدك، حتى يبقيك ذلك الأمر حياً” ماثلة ساطعة أمامي .