(صرخة ضمير)
✍مرشده فلمبان
عضوة هيئة الصحفيين السعوديين – مكة المكرمة
جميل هو الإهتمام والمتابعة.. والأجمل أنك تعتبر من أثمن كنوز الدنيا لدى شخص يحبك ويخاف فقدانك.. ويخشى عليك من صراعات الحياة الدامية.
جلس شاردََا في مجلسه وهو يجتر ذكريات بين ركام أيام معتمة في مستنقع الرذيلة والمجون.
كل ليلة كانت تلقي على مسامعه نصائحها القيمة ودعواتها الصادقة :
إلى أين أنت ماض يابني؟ لاتطل السهر خارج المنزل.. إحفظ الله يحفظك.. ويهديك إلى جادة الصواب.
كانت لايغمض لها جفن وهي تنتظر إبنها من خلال نافذة غرفتها تترقب ظهوره.. وما تلبث أن تنام على أريكتها وقد نال منها التعب والسهر.
في تلك الليلة كان عائدََا إلى بيته لاحظ عن بعد نافذة غرفة أمه مشرعة وتغمرها الإضاءة.. وعلى الفور توجه إلى غرفة أمه شاهدها على أريكتها مسبلة العينين.. أيقظها لم تستيقظ
أخذ يدها سقطت بلا حراك.. وهنا كانت الفاجعة التي قتلت لحظاته.. أنحنى على جبينها يقبله وتتساقط دموعه على وجهها الطاهر لوعة وندمََا على مافرط في برها
وتخيل أن السماء تبكي لأجلها.. والقمر يبدو حزينََا.. والنجوم مكتئبة تكاد تهوي المََا.. تخيل أن كل شيء يبكي أمه.
هكذا غيرت هذه الفاجعة مجرى حياته.. وأيقظته من الغفلة وانتشلته من المستنقع القذر.
أصلح الله حاله.. نسي ماضيه القذر الملوث بالمعاصي.. يناجي طيف أمه على سجادة صلاته :
أنا يا أمي أصبحت الإبن الذي تريدين.. عدت إبنك البار.. أدعو لك ماحييت.
أغفري لي يا أمي وتجاوزي عن أخطائي.. وليغفر الله لي على ما أذنبت..
هكذا جمع كل مايذكره بالماضي الأليم أحرقه.. تحول إلى ذرات رماد تطاير وتبعثر.