(الصّبيُّ والغربان)
شعر/هنيبعل كرم
نحنُ جنسٌ لا يموتُ!
-قال الأعورُ الواقفُ على شجرة السّرو
ملكًا على الجِهات-
البَرُّ واسعٌ
والخرابُ أصابَ أحذيةَ الجنودِ
فلا خوفَ من بنادقِ اللئامِ،
بسطاءُ همُ الفلاحّونَ
مشغولونَ بدودِ الأرض…
وحدَه ذاك الصّبيُّ،
لم يُلْقِ في أحلامِه السّلاحَ،
يقلقني!
في جيبه “نُقَّيْفَةٌ” مشدودةٌ بأوتارِ الجِنّ والأحلامْ،
يمشي حَذَرَ الوَشْقِ،
كالأسدِ… أَلِفَ الجرحَ،
يشدُّ على النَّصلِ لو تُدرِكهُ الأيَّام!
ذاك الصَّبيُّ يقلقني…
هذا أبوه أشبعَ أذنَيه بأخبارِ الحربِ
ووريدَهُ بمَصْلِ الحُبِّ،
مرَّغَ بالضَّوءِ جبينًا،
مسحَ شعرَهُ بالطّينِ المعجونِ
بزيتِ الشّمسِ والرُّمان،
وخدّيهِ- خطّين من كلّ صوبٍ- بخشبِ السّمّاقِ المحروقِ
وأرسله بسيفٍ ينازلُ غيلانًا تصفرُ كالرّيحِ
بِوادٍ دعاه شيوخُ الليلِ “القَبَّاش”
بين الخيلِ واللّيلِ كان حطامًا فوق حطام!
هذا أبوهُ، كان صبيًّا، يوم اجتمعت غربانُ الدّنيا عليه…
يومَها قيل إنّا الجنسُ الأذكى،
وإنّ صبيًّا، بتلك “النّقيفةِ”،
فقأَ عيونَ الغربان…