تبكي المآذن
شعر/د. عبد الولي الشميري
على مِثْلِهِ تَأسَى القُلوبُ وتَحْزَنُ
ومِن فَقْدِهِ تَبكي عيونٌ وأَلْسُنُ
على “هائلٍ” تَبكي المآذنُ والرُّبى
وتَنْدُبُهُ أنَّى يُنادي المُؤَذِّنُ
يَحِقُّ لِكُلِّ النَّاسِ تَبكي فراقَهُ
فقد كان نِعْمَ المُؤْمِنُ المُتَيَقِّنُ
أبٌ يَمَنِيٌّ باركَ اللهُ جُهْدَهُ
يُسارع في الخَيراتِ يَسْخُو ويُحْسِنُ
رَثَيْتُ وما لي في المَراثي خَصَاصَةٌ
ولكنَّ هذا الشَّيخَ في القَلبِ يَسْكُنُ
فكم مِن يَدٍ بَيضاءَ أَسْدَى ومَوقِفًا
جليلًا وذِكرى في الفؤادِ تُدَوَّنُ
كريمٌ حليمٌ للفَضائلِ حافِظٌ
غَيُورٌ لِدِينِ اللهِ يُعْلِي ويُعْلِنُ
أبٌ جَسَّدَ الإيمانَ فِعْلًا ومَسْلَكًا
فصارَ بهِ الإحسانُ يُرْوَى ويُقْرَنُ
مَلاذٌ لِمَنْكُوبِي الزَّمانِ ومَلْجَأٌ
يُخَفِّفُ مِن رَوْعاتِهِمْ ويُؤَمِّنُ
أُتِيحَتْ له الدُّنيا فجاءتْ رَغِيدةً
تُراوِدُهُ والمالُ يَطْغَى ويَفْتِنُ
فأعطى لها ظَهْرًا وحَطَّ غُرورَها
وراحَ بِآياتٍ وذِكْرٍ يُدَنْدِنُ
وقال لها: غُرِّي سِوايَ فإنّني
سَبَتْني رَشًا أُخرى أَجَلُّ وأَحسنُ
تَتُوقُ لها نَفسي وقَلبي لِدارِها
مَشُوقٌ وفِكري عن سواها مُحَصَّنُ
فإنْ تَقْبَلي وَصْلي إليها وطاعتي
وإلَّا فَحَبلُ اللهِ أغنى وأمتنُ
فقالت له الدُّنيا رَضِيتُكَ سَيِّدًا
وإنّي لأصحابِ العزائمِ أُذْعِنُ
فعاش كريمًا يغمرُ الأَمنُ قلبَه
ومَنِ يَحْقِرِ الدُّنيا يَعِزُّ ويَأْمَنُ
فيا ربُّ قد أفضى إليكَ مُجَرَّدًا
وأنتَ له الرَّبُّ الرَّحيمُ المَهَيْمِنُ
فأحسِنْ له المثوى فقد عاشَ مُحْسِنًا
يقيمُ صُروحَ المَكْرُماتِ ويُتْقِنُ