الحياة كما يجب أن تكون
من قصص الكاتب سعيد عمر
مقدمة:
ماذا لو كان ايجاد شغفك يستغرق دقائق، لا أعواماً! “الحياةكما يجب أن تكون” هي اولى قصصي القصيرة، والتيتستعين بالخيال، في محاولة لإيجاد حل جذري لواحدة منأكبر أزماتنا الوجودية، وبقالب غير مألوف.
تأليف: سعيد عمر
بتاريخ: أكتوبر 2022
● آدم: مازلت لا أفهم، ماذا سأجني من تجربتك هذهوقد أوشكت على الانتقال لعالم آخر!
● الطبيبة: فيما يخص حالتك سيد آدم، فإن أهمالأعراض الجانبية النظرية لهذه التجربة، هي مدالقلب الذي لا علاج له طبيا بما يقارب عقدينإضافيين، إذا بدأ المريض بممارسة المجال المهنيالذي يظهر له بعد انتهاء التجربة مباشرة، وقبل أنتزداد حالته سوءاً، وبعبارة ابسط، فإن قلبك قد يعودللنبض بكامل طاقته، كقلب شاب يبلغ من العمرأربعة وثلاثون ربيعاً!
● يعلق آدم ساخراً: إذا كان هذا الحل “الثوري” سينقذالأرواح الضائعة والأجساد المتهالكة كما تدعين، لماذالم يسمع به أحد من قبل؟ لماذا كان مصدر رسائلكمرقما مجهولا، وكأنكم بائعي عقاقير مخدرة، ولستممركزا نفسياً ذا شأن!
● ترد الطبيبة بحزم: هذا الجهاز لم يصرح باستخدامهعلى نطاق واسع حتى اللحظة. ومازال في مراحلتطويره. وأولى الاختبارات العملية لهذه الثورةالحديثة هي تجربة فعاليتها على حالات القلبالحرجة، حيث ان..
● يقاطعها آدم: تقصدين قائمة فئران التجارب البشريةالمحكوم عليها بالموت الحتمي.
● الطبيبة: المحظوظون فقط من يولدون ومسارهمالمهني يشع وضوحا. اما معظمنا فيعيش بينخيارين: قضاء سنوات عمره مترنحاً بين تجربةوأخرى، لاهثاً للوصول لما يجعل قلبه يرقص فرحاً، أو القبول بأية محطة يتوقف فيها قطار أحلامه، محارباً بؤسه الدائم في صمت، بؤس تزداد وطأتهقبل نومه ليلا وبعد نهوضه صباحا.
● تضيف الطبيبة: سيد آدم. رغم أن هدفنا الرئيسي لميكن مطلقاً معالجة الأمراض العضوية، لكن الا تعتقدان احتمالية إضافة عشرون عاما أخرى لحياتكتعتبر سببا كافيا للتفكير بهذا الخيار على الأقل!
● يغادر آدم عيادة الطبيبة حائراً، أيقضي آخر ايامهمنتظراً متى تحين ساعته، أم يتتبع هذا الجنونالذي سمعه للتو ونهايته السريالية الموعودة! وبعدان يخبر زوجته بالأمر ويهاتف أبنائه وبناته الذينيقطنون في مدن اخرى، تنقسم عائلته الى فريقين، لكن الأهم أن آدم كان في الضفة المغامرة المتمسكةبآخر خيط امل، حقيقياً كان ام زائفاً.
● يعود آدم لرؤية الطبيبة في اليوم التالي، ويخبرهابرغبته بخوض تجربة العمر – أو ما تبقى منه-، فتستقبل الأمر بنشوة فرح لا تخطئها العين، ثم تبدأبشرح التفاصيل التقنية
● للتجربة.
● الطبيبة: كجزء رئيسي من التجربة، عليك بعدالاستلقاء داخل الجهاز، سرد قصة حياتك، متضمنةالإجابة على ثلاثة أسئلة جوهرية ومن منظوركالشخصي، لا آراء من حولك، وهي: من انت وماذاتحب وماذا تتقن، منذ طفولتك وحتى سقوطكالمؤسف بمقر عملك.
● آدم متهكماً: اذن سيتحول الجهاز لطبيب نفسيآخر، وظيفته سماعي وإعادة صياغة عباراتي.
● ترد الطبيبة ضاحكة: لا، الأمر ليس كذلك. الجهازمدرج به سجلك الأكاديمي ومسارك الوظيفي كاملاً. كما أنه مزود بخوارزميات تأخذ في الاعتبار عواملعديدة منها القدرات، الاهتمامات، المهارات، الشغف، القيم الداخلية، مخاوفك، ومحيطك المهنيوالاجتماعي. كل هذا العوامل ستتفاعل مع تفاصيلقصتك، وسيتم كذلك استبعاد المعلومات الخاطئة أوالمتخيلة. ثم ستظهر النتيجة النهائية على هيئةبطاقة صغيرة بحجم البطاقات المصرفية، وستتضمن بطاقة هويتك الحقيقية المسمىالوظيفي المثالي ووصف مختصر لطبيعة عملك، وأفضل شاغر متاح الآن، مع الأخذ بعين الاعتبارحالتك الصحية بالطبع.
● تسأله الطبيبة: ألديك ما تضيفه قبل أن نبدأ؟
● آدم: كل ما أريد قوله هو انني رجل خمسيني، وأدركتماما ان الامتيازات التي امتلكها في حياتي تسيللعاب الكثيرين. ولولا انني على وشك الوفاة لما عدتهنا بعد ما سمعته بالأمس، لكنني لن أخسر شيئابكل الأحوال. ثم يقوم آدم بدخول الجهاز، ويبدأبسرد قصته: