منقل الفحم سمر وخطر
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون
مدرب وأخصائي سلامة
في ليالي الشتاء الباردة يحلو السمر حول النار، وفي بعض المجالس داخل البيوت يعمد أهلها إلى استخدام المنقل ووضع الفحم فيه، والالتفاف حول الجمر طلبا للدفء أو المتعة، مع احتساء فناجين القهوة وأكواب الشاي، وهذه متعة تطيب لها النفوس، ويحلو معها السمر وتبادل أطايب الكلام والفكاهات، وتمتد معها المجالس إلى أوقات متأخرة من الليل، وقد يستطيب البعض النوم في المجلس الدافئ الذي لا يزال جمره متوقدا بعد أن أغلقت الأبواب جيدا كي لا تنساب نسمة باردة إلى الداخل، أو تهرب نفحة دافئة إلى الخارج، ويستسلم هذا البعض للنوم اللذيذ الذي قد يسير به إلى نهاية حياته، كما حصل مع الكثيرين الذين تركوا مواقد الفحم مشتعلة، فأطفأت شعلة حياتهم، مختنقين بغاز أول أوكسيد الكاربون الذي أودى بحياة أناس لم يتعرفوا على مخاطره، أو غفلوا عن مغبة استضافته في الأماكن المغلقة، حيث ينطلق بكل حرية وسهولة، فيطلق موجاته الأثيرية في كل اتجاه، فيستنشقها الإنسان شيئا فشيئا حتى تشل حركته، ويفقد قدرته على التصرف فيموت اختناقا.
لقد حدث العديد من هذه الحوادث فيما حولنا، وما أظن أن هناك قرية أو بلدة أو مدينة إلا وقد وُضع في سجلها حدث من هذا النوع، وتكمن خطورة غاز أول أوكسيد الكاربون (CO) في ميله الشديد للاتحاد مع هيموجلوبين الدم، مما يؤدي إلى انخفاض قابلية الدم للاستفادة من الأوكسجين.
ومن الأمور الخطيرة كذلك أن أهل البيت يعون خطورة هذا الأمر، فيُخرجون المنقل خارج الغرف في حوش المنزل، فيأخذه السائق أو الخادمة ويضعونه في غرفهم للاستمتاع به وللتدفئة، فيموتون اختناقا، وأعرف بعض الأصحاب من حدث هذا في مساكنهم ومات مكفوليهم اختناقا.