(قنديلُ المكان)
شعر/هنيبعل كرم
سَوسنُ يا سَوسنُ
يا حلوتي يا سَوسنُ،
تركتُ لك القمرَ على الشُّرفةِ
مُضاءً…، فلا تطفئيهِ،
وفوق البابِ الكنارَ الصّغيرَ حُرًّا،
أَلا فاطلقيهِ،
وفي جديلتَيكِ حقلًا من السَّوسنِ
ارويهِ، لا تهمليهِ…!
أنا ذاهبٌ أبحثُ عن أرضِنا
عن أمِّكِ، عن أمّنا…
يقول الجنديُّ إنّها رحلتْ،
ويقول الضّابطُ المسؤولُ: ماتتْ من زمنٍ…
فلا تصدّقيهِ… اهزميهِ!
وإذا سمعتِهِ بمكبّراتِ الصّوتِ
يتلو مزاميرَه… اهمليهِ!
وأشيعي بين صبايا الحيّ سرَّنا
عن أمّهِ وعن أمّنا، وافضحيهِ!
غدًا يُرجعني الكلامُ إليكِ
فاحضنيني… واحضنيهِ،
وإن ساءتِ الظّروفُ في بيتِنا
أخبري أولادَكِ الحفاةَ عن سرّنا
وضمّي أصغرَهم إلى عقدِك من المرجانِ
إلى صدركِ
واخبريه عن زمنٍ كنّا فيهِ
ننظرُ إلى قنديلٍ عُلِّقَ فوق نافذةِ المكان…
نُغرَمُ بالأقحوان…
وبالياسمينِ المُحاكِ في شَعرِ الصّبايا!
أخبريهِ عن عشقنا القديمِ
عن حبّنا… عن حيّنا…، ولا تسأليهِ
أن يكونَ يومًا غيرَنا!
أخبريهِ عن زمنٍ
لم يكنِ القطارُ فيه معروفًا للرّحيل،
ولا سككُ الحديدْ…!
علّميهِ أن يبدأ حبًّا… كلَّ مرَّةٍ
ألفَ مرّةٍ من جديدْ…
وأن يمدَّ إلى الفجرِ يدًا
تُرجعني من غدي إليكِ…!
غدًا أرجعُ… أو يرجعُني الكلامُ إليكِ
فاعلَمي، واعلِميهِ
أنْ كلّما ضحكَ المساءُ عندنا
أحطُّ فوق جبينِك بِلونِ الماءِ عطرًا،
وفوق وسادتِهِ الصّغيرةِ حقلًا من السّوسنِ…
سوسنُ يا سوسنُ،
يا حلوتي يا سوسنُ…