حوار مع الكاتبة الجزائرية صورايا قواسم المتحصلة على المرتبة الأولى في مسابقة الصيف الأدبي ” جائزة أم سهام الأدبية ” في طبعتها الثانية
حاورها الإعلامي محمد غاني
من الشخصيات الأدبية الجزائرية الهامة التي شاركت في مسابقة الصيف الأدبي جائزة ” أم سهام الأدبية” في طبعتها الثانية من تنظيم جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب لولاية وهران التي يرأسها الأديب القاص شريف علي روان و تحصلت على المرتبة الأولى ما سمح للكاتبة بقنص إنتباه الحضور و هي تصعد الى المنصة الشرقية لتسلم الجائزة خلال اليوم الثاني من تظاهرة أيام الذاكرة المنظمة من دار الثقافة و الفنون محمد زدور ابراهيم قاسم من 1 الى 3 نوفمبر 2022 تزامنا و الاحتفالات المخلدة لذكرى اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة .
إنها الكاتبة القاصة قواسم صورايا التي برهنت عن جدارة في طرق باب القصة الفنية القصيرة وبعد تسلمها الجائزة من طرف جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب و بحضور المثقفين و المبدعين من ولاية وهران وولايات مجاورة و إشراف مديرة دار الثقافة و الفنون محمد زدور ابراهيم قاسم لولاية وهران السيدة قوادري عيشوش بختة في جو ادبي و فني كبير اقتربت منها و التمست منها مقابلة حوارية فوافقت دون ادني تردد .
الآن : أهلا و سهلا بالكتابة المتألقة المتوجة بجائزة أم سهام الأدبية عن المرتبة الأولى في هذا اليوم الثقافي و التاريخي المشهود.
الكاتبة صورايا قواسم: مرحبا بك و بجريدة الآن و تحية لطاقمها بمكتب الجزائر و بجمهورية مصر العربية
الآن : بوركت من أديبة فذة وهنيئا لك التتويج المستحق
الكاتبة صورايا قواسم: شكرا على هذه التهنئة الكريمة و كل يوم و الأدب الجزائري و العربي بألف خير
الآن : كعادتنا قبل أن نغوص في خضم الحوار نلتمس أن تتفضل الكاتبة بورقة تعريفية بشحصها المحترم
الكاتبة صورايا قواسم: أنا من مواليد الستينات في مدينة تيارت الجزائرية متحصله على شهادة ماستر دراسات إستراتيجية و أمنية من جامعة الجزائر 3 أم لطفلين و أقطن بمدينة وهران و أعمل موظفة بمركز الجزائر للسينما” سنيماتيك وهران ” و كنت أعمل سابقا صحافية في عدة جرائد وطنية كما عملت مقدمة برامج في القناة التلفزية الخاصة “الباهية” بولاية وهران .
الآن : و على ضوء نشاطاتك الإعلامية و الفنية و الأدبية من المؤكد أنك تحوزين على شهادات و جوائز في ذات المجالات ؟
الكاتبة صورايا قواسم: نعم خاصة ما تعلق منها بتغطية إعلامية قمت بها سنة 2012 في اطار مهرجان الكرامة و في نفس السنة حصلت على جائزة أحسن مقال صحفي في مهرجان الأغنية الوهرانية كما تم تكريمي كصحافية في وهران في عدة مناسبات طيلة مساري المهني من 2003 الى غاية 2017 اما أدبيا و ثقافيا فقد حضرت عشرات الملتقيات خاصة في ولايتي وهران و العاصمة
الآن : على ذكر الملتقيات الأدبية يجرنا الحديث حتما عن نوع الأدب الذي يستهويك
الكاتبة صورايا قواسم: من بين أهم كتاباتي الرسائل و قل أني متخصصة في أدب الرسائل و كتابة الرسائل تكون دائما بدوافع الكتابة بعيدة عن السيرة الذاتية و كثيرا منها اعتمدته بالمسنجر مغازلة النص بغرض التجاوب من الناس
الآن : و عن القصة القصيرة الفنية
الكاتبة صورايا قواسم : كتبت قصصا خيالية وواقعية منها ” جاري العاشق- و قصة ” القابض ” التي كتبتها باللغة العامية أما قصة ” الرشيد” فهي واقعية و أخيرا كتبت قصة ” رقصة الريح مع جوربي” التي تلت بها جائزة المرتبة الأولى في مسابقة الصيف الأدبي لنيل جائزة أم سهام الأدبية.
الآن : على ذكر جائرة أم سهام الأدبية هل لك ان تفيدي قراء الجريدة بدوافع و كيفية كتابتها
الكاتبة صورايا قواسم : كان ذلك بمحض الخيال الذي يحمل في طياته بذور الواقع و لا تخلو القصة من قيمة أخلاقية و هي حصول مبتور القدم على الجورب الذي راقصته الريح و رمته بعيدا في الشارع فإرتداه .
الآن : في الواقع قصة رقصة الريح مع جوربي قصة رائعة و ماتعة إستوفت جميع الشروط التي تبنى على أسسها القصة الفنية من مقدمة و عقدة و عقدة العقدة و الخاتمة و لتعميم الفائدة و إمتاع القراء و اطلاعهم على فحواها و مكامن المتعة فيها سنورده في آخر الحوار و قبل ذلك نفسح المجال لكلمة ختامية تتفضلين بها مشكورة.
الكاتبة صورايا قواسم : أشكر جزيل الشكر أولا جريدة ألان على هذا الحوار الشيق كما أشكر رئيس جمعية أثار العابرين للثقافة و الأدب لولاية وهران الأديب الروائي و القاص السيد شريف علي روان الذي بذل مجهودات جبارة من أجل إنجاح حفل جائزة أم سهام الأدبية و تحية أخوية خالصة لكل من حضر الاحتفال و شجعنا من قريب و من بعيد و حفزنا على التفكير في مواصلة الإنتاج الأدبي .
الآن : بوركت و مرة أخرى تقبلي تهانينا و دمت مبدعة متألقة و دام البهاء
القصة الحائزة على الجائزة “رقصة الريح مع جوربي”
ذات خريف ، ضاعت مني فردة جوربي من على حبل الغسيل ، وأخذها الريح إلى حيث لا أدري ، حزنت كثيرا على ضياعها ، لا أحب أن تضيع أشيائي وبالأخص أن يضيع جزءا منها ، ماذا سأفعل بالفردة المتبقية ؟
أصنع بها دمية صوفية مثلا ؟ أخبيء فيها بعض من النقود ؟ أرميها ؟
في الحقيقة لم تكن تهمني الفردة التي بقيت منشورة على حبل الغسيل فهي لازلت ترقص مع الريح ، ولكن الفردة الأخرى التي ذهبت مع الريح ، مع أول هبوب له ، أين ذهبت ياترى ؟
ما قيمتها الأن وهي وحيدة ؟ من سيهتم لها ، ومن سيهتم بها ؟
ما نفعها ؟
الشتاء على الأبواب ، ستفقد ماهيتها ومهنتها ، الجوارب والقفازات لن تكون إلا ثنائية ، لا تقبل بالتجزئة وإن ضاعت فردة ضاعت كلها ، ماقيمة الكل بالضياع الجزء ؟!
على الأقل هكذا يبدو لنا الأمر في البداية ، تشجعت وتجرعت قليلا من الأمل ، وقررت أن أخرج من بيتي ، وأذهب في رحلة البحث عن جوربي فهي من أشيائي ، يجب أن أسترجعها أو على الأقل أسعى لذلك ، خرجت من الشرفة ، مسرح الجريمة التي حدثت منذ قليل ، وإتجهت صوب الباب ، وعند فتحه ، ضحكت في قرارة نفسي وقلت : ماذا ستفعلين ؟
تخرجين للبحث عن فردة جورب عشقها الريح وأخذها أمام عينيك ، و رقص معها التانغو بعيدا عنك ؟ فهو يظنها له ، بالطبع لطبعه الأناني ، ولكن لا يعلم أن لها توأم روحها لازالت معلقة ، يراقصها الريح نفسه رقصة مغايرة ، لا ، هو يعلم أنهما توأم الروح فقط برقصته هذه يريد أن يجرّب وفائهما لبعضهما البعض ، ومدى إخلاصهما ، ولكن رغم ذلك سأخرج ، سألحق بها ، سأبحث عنها ، لا يمكن أن أسمح في أغراضي بهذه البساطة ، ركضت وركضت ، وكلي أمال في أن أجدها ، قبل أن تداس بأرجل في يوم من الأيام كانت الواقية لهم ، وأن تدنس بأحذية مصنوعة من جلد فاسد ، المهم في كل هذا فردة جوربي القطني التي أخذها مني الريح عنوة ، ركضتُ ، ثم توقفت ، لأني تذكرت أن الريح لم يكن يومها كعداء كينيي أو جمايكي ، أو حتى من قارة إفريقيا ولو من شمالها ، بل كان على ما يبدو سعيدا بغنيمته المسكينة ، يتراقص هنا وهناك ، ويأخذها من يدها ويرقص معها خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء ، يا ليته الوغد أخذهما الإثنين معا ، كنت إرتحت من دور البطولة الذي أقوم به الأن ،فأنا أريد إسترجاع الفردة لفردتها أكثر مما أريد إسترجاعها لقدمي ، رأيتها أخيرا رأيتها هناك ، ليست بعيدة عني بضعة أمتار فقط تفصلنا عنها ، ولكن يبدو وكأن الريح تخلص منها ، فهي لا يمكنها أن تسير بدونه او بدون قدمي ، هي واقفة بل جالسة بل نائمة ، يبدو أن الريح أتعبها في أخر رقصة لهما مع بعض ،لا أذكر أبدا أني رقصت وأنا أرتدي الجوارب ، أذكر مرة رقصت على أنغام الفلامينكو بمسرح وهران ، واااو كانت سهرة لا تنسى ، ولكن بالكعب العالي ، للحظة أحسست وكأني في إسبانيا ، صديقتي التي كنت أرقص معها لم تكن تعلم وقتها أني أظنها أنطونيو بونديراس ، الفردة ، الفردة ، ماذا لو أعجبتها الرقصة مع الريح وأرادت التخلص من توأمها ؟ يا إلهي فلماذا كل هذا العناء ، وهذا الركض ، ولكنه رحل عنها وتركها هناك ، كمعطوبي حب ، مبتوري الوفاء ، لم يبق لي إلا بضع خطوات و أتلتقطها ، وأعيدها إلى عشها ، خطوة واحدة هذا كل ما تبقى ، التقطتها يد أخرى غير يدي ، وليست يد الريح ، يا إلهي من ؟
هو ، نعم يد لرجل ، أخذها ، خبأها بجيبه إنتهى أمرها وأمر الفردة المعلقة هناك ، وبالتالي أمري .
لكن ماذا سيفعل بها ؟
إنها فردة واحدة وحيدة ، لعب بها الريح ، وتوأمها ينتظرها على حبل الغسيل ، يا له من مبتور الرحمة ، يا إلهي إن رجله مبتورة هو رجل برجل واحدة ، أنا عاجزة ، عاجزة أمام هذا البتر ، البتر بأشكاله ، نظرت مطولا إلى رجله المبتورة قبل أن أنتبه لغبائي ،كيف سمحت لنفسي أن أركز نظري على شيء غير موجود أصلا ، تأسفت ، تأسفت جدا على الوضع الذي وصلت إليه فردة جوربي ، والفردة المعلقة هناك ، وعلى وضعي ، وقبلها على وضع الرجل الذي على ما يبدو أنه فقد جزء منه في معركة ما ، أو حادث مرور ، أو ربما ولد هكذا ، مثل جوربي لعب به الريح حتى فقد جزأه ، لا أستطيع أن أطالبه بالفردة ، لأنه يبدو مقتنعا بدفئها ، مثلما أنا مقتنعة بحاجته لها ، هي لك إذا ، هي لك إذا ، فهي منذ أن صُنعت ، صُنعت لأجلك ، لقدمك .
الريح لا يعبث ، لا يعبث أبدا ، كيف ذلك وهو الذي يُلقح الأزهار والورود ، ويحمل لنا رسائل الشوق ، ويجفف لنا جواربنا ، إذا غابت الشمس ، كل مافعله أخذ فردة الجورب في موكب راقص إلى صاحبها ، إلى أكثر شخص هو بحاجة لها.
فقداني لفردة جوربي يومها ، كان درسا لي ، بل درسا كبيرا ، حملت نفسي مرة أخرى ، وعدت إلى بيتي ، إلى شرفتي ، لا أعرف ماذا سأقوله للفردة الأخرى ، ماذا سأقول ؟ سأصارحها وكفى ، هه ههه هههه ههههه ههههههههههه ، يا إلهي ماذا يحدث ؟ ضاعت فردة جوربي الثانية ، باغتني الريح وأخذها مني ليرقص معها السامبا هذه المرة ، ابتسمت ، وقلت : كان من الأول ، ولكن الأقدار ، هكذا تأتي مجزأة لتأخذ الكل .المهم خذوا بالكم من تقاشيركم ، ومن رقصات الريح .
اانطباعات الروائية خديجة ادريس في قصة رقصة الريح مع جوربي
ميل أن نعيش مع فردة الجورب رحلة ضياعها ، ونتقاسم الفردة الأخرى غربة الفقد ، فراق عجيب لفردتيّ الجورب انتهى بقدر أعجب ، قدر لا يمكن إلاّ أن يكون منصفا وعادلا حين لا تقوى أجزاؤنا على العيش منفردة ، سعادتها في الكمال وإن كان الثّمن ضياعها ، إنّه كرم الحبّ ، والتّفاني في التّضحية ، والسّخاء في العطاء ، قد يبدو ما نمنحه ناقصا ، وما نفقده لا نتخلّى عنه بسهولة ولكنّنا حين ندرك أنّ ما فقدناه يدفّئ ثغرات غيرنا ، ويسعد كدمات غيرنا نرضى بما تبقّى لدينا ، ونؤمن بأنّ ما نضيّعه قد يكون خلاصا لغيرنا ، و ضمادا لجراح غيرنا ، ومرهما لكدمات غيرنا ، رحلة جميلة تختصر قيمة العطاء حين تحمل الرياح فردة الجورب إلى رجل برجل واحدة فيكتمل نقصه وتتشكّل قناعته ، ويصبح للفردة معنى في رجله الوحيدة قصّة رائعة روعة البحث عن أنفسنا في كومة من الأسئلة ، عبارة أعجبتني ” تأسفت ، تأسفت جدا على الوضع الذي وصلت إليه فردة جوربي ، والفردة المعلقة هناك ، وعلى وضعي ، وقبلها على وضع الرجل الذي على ما يبدو أنه فقد جزء منه في معركة ما ، أو حادث مرور ، أو ربما ولد هكذا ، مثل جوربي لعب به الريح حتى فقد جزأه ، لا أستطيع أن أطالبه بالفردة ، لأنه يبدو مقتنعا بدفئها ، مثلما أنا مقتنعة بحاجته لها ، هي لك إذا ، هي لك إذا ، فهي منذ أن صُنعت ، صُنعت لأجلك ، لقدمك .”ية
للكاتبة صورايا قواسم الجزائر