الهزال
حسين صالح حسين فرج
مصر
تقول جدتي دائمًا لي: ( إياك والهزل يقوي عليك الطفل الصغير والراجل الندل)، أدركت تلك المقولة جيداً عندما أصبحت بالغاً وصرت رجلاً صارماً في تعاملي هزالي بحدود، وصمتي بحدود، وحديثي بحدود لها حد معين لا أحيد عنه تمامًا بأي شكل من الأشكال؛ لأن الهزال مشكلة كبيرة جدًا أصبحت هاجسًا كبيرًا يهدد حال البعض منا ويسكن جعبة البعض إلى أن ينهش منه فيجعله شخصاً طيلة حديثه تفاهة ووجهه يتناثر تفاهة وجل ما في عيشته تفاهة وهزال، هذا الهزال طغى على شخصية البعض منا فأصبحت علاقاته فاشلة لأنه يدخل إلي القلوب من ذلك الباب الذي تعود عليه وأحبه قلبه فأصبح شيء يطغى على شخصيته وكل حياته.
إن اسوء ما انجبه هذا الزمان هو التافه والتفاهة، وهذه التفاهة البعيدة تمامًا عن الحدود المتعارف عليها من أسوء وأسوء ما خُلق في هذه الأيام لم أرَ قبل ذلك الحين هذا الحد من التفاهة التي قد تصل لحدود أكثر خطورة من المتعارف عليها؛ فإن هذا الهزال وهذه التفاهة تقوي عليك النفوس الأخرى وتجعلك منحطًا في أعين الآخرين ونحن نرَ كل يوم مشاكل جمة أشعلها الهزال وكان هو وقودها الأول.
الهزال الغير معقول يؤدي إلى نشوب العديد من المشكلات هذه المشكلة ذريعتها الهزال الزائد الغير معقول، نحن نرَ بأعيننا على مواقع التواصل الاجتماعي كم كبير جدًا من التفاهة التي كادت تطغى على حياة من يعيشها فنرى كل المواقع سخافات وتفاهات مكثارة، فالبعض لا شيء في حياته سوى هذه التفاهة ولا يعرف إلا هي لا يعرف عن الجدية اي شيء فالهزال له حدود وله اوقات معلومة.
بعض الشباب أدمنوا هذه الشخصية وانتشرت في معظم وسائل التواصل الاجتماعي وبدأت تحط رحالها ايضًا على الإعلام وكافة الوسائل التواصل المرئية المنتشرة بغزارة في هذا العصر والتي أدت إلى نضوج هذه التفاهة وسيطرت على معظم شبابنا.
والهزال في بعض الأوقات قد يؤدي إلى خسارة البعض وقد يؤدي لمتاعب كثيرة لن تداوى وادلة كثيرة رأيناها في اخر فترة والشواهد كثيرة على ذلك.
الهزال صفة حتماً ستؤدي بصاحبها لتدمير حياته بدون ان يشعر لأنه حقيقةً ادمنها وادمن تلك الصفة ووجد نفسه لائقاً فيها، وإذا ابتعد عنها اندثرت مكانته التي كانت صفة لقبوله لدى البعض الذي يشبهه ومن هنا من الصعوبة ان تتزح هذه الصفة عن هذا القطاع الكبير.
أما عن الهزال للرجل البالغ إذا شاهده الطفل سيقوى عليه ويصبح في عينه شخص لا قيمة له وقد يؤدي بالطفل إلى
اشياء كثيرة تجاهه.
قال صلى الله عليه وسلم: «وإياكَ وكثرةَ الضَّحِكِ؛ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فسادُ القلبِ» (صحيح الجامع؛ برقم: [7833]).
في الهزال والضحك فساد للقلب وحياة من يدمنها حياة بلا ادني شك حياة بلا طعم أو قيمة.
اذا واجه هذا القطاع موقف محزن او مصيبة؛ لن يقابل هذا الأمر بحزن أو جدية لهذا الموقف أو هذه المصيبة إنما سيواجه هذه المصيبة بنفس الطريقة التي إعتاد عليها، حتى لو كشف وظهر هزاله امام الناس في وقت هذه المصيبة وعنفه البعض لن يتعظ وسيظل يفعل ويمارسه تفاهته كل حين، فهذه العقول لا تدرك ولا تعرف أن كل وقت وله أذان .
في وقتنا ومعيشتنا الحالية رأينا حدوداً لا معقولة وكوارث جمة ومصائب لا تصدقها العقول التي عاشت في الحقبة الماضية التي اتسمت بالاحترام والجدية والعقلانية في التعامل مع الآخر .
ما نراه الآن من أمور مخيبة للأعين تحتاج لوقفة صارمة في ظل تغافل مجتمعي رهيب تجاه هذه القضية، إن اتزاح وزوال هذه التفاهة عن أبنائنا وشبابنا أمر من الصعب أن نغرسه في هذه النفوس التي طغى عليها هذا الفكر السيِّئ، وهذه التفاهات الكثيرة لن تقبله تلك العقول التي لم تعرف سوى هذا الفكر الساذج ولن تقبل تمامًا الإصلاح دفعة واحدة يجب أن يتدرج هذا الإصلاح لإرجاع عصر الاحترام والحديث الحسن والبعد عن التفاهات الكثيرة هذه .