التُّراث ، بين سٍندانٍ التهميشِ ومِطرقةِ الحداثة

 

الشاعر د ناصر الدسوقي

في البدايةِ يجبُ التعريفَ بمعني التراث .
إنَّ التراثَ معنىً شامل لكلِّ ما
هو موروثٌ مِن الثقافاتِ ،مِن القِيمٍ والتقاليد ،
ومِن تراثٍ مٌعماريٍّ يُمثِّلُ تاريخَ وثقافةِ المُجتمع ،
ويُعتَبرُ هو الصِلةُ الماديةُ والمعنويةُ التي تربِطُ المُعاصرينَ بأسلافِهم ،
ويُعتٓبرُ تجسيدًا لقيمٍ ثقافيةٍ وحضاريةٍ ،ويَعكسُ البِنيةَ الإقتصاديةَ والإجتماعيةَ التي عاشها الأجداد ،
فالتعديلُ في التراثِ بحُجةِ مواكبةِ الحداثةِ وتطوراتِ العَصْرِ لا يَعنِي مُطلقّا تَرْكَ القِيَمِ وإهدارِ المفاهيمِ التُراثية ،
وإنما هو خروجٌ للأفكارِ الجديدةِ ومفاهيمَ أُخري مِن واقع حياتنا اليومية ،
ولا يَعني ذلك استبعادَ الخِبرة ،
فالأفكارِ القديمةِ يُمكنُ أَنْ تكُونَ مَصدرًا لأفكارٍ جديدةٍ وحديثةٍ تُفيدُ في المستقبل ومِن ثَمَّ المُجتمع ،
فقد كان المَيلُ لتعريفِ التراثِ بأنه الممتلكاتُ أو المعالمَ الفريدة والمباني
مِثلَ أماكنِ العِبادةِ والحُصونِ والقِلاع ،
أما اليوم فقد اختلفَ تعريف التراثِ ليشملَ المراكز الحضريةَ والمناظرَ الجديدةَ ،
وكل هذا يزيدُ في كَمِّ التحديات ِ والتهديدات ِ التي يُمكنُ أنْ يكون َ لها تأثيرًا سلبيٌّا علي الأماكنِ التُراثيةِ وما تتعرضُ له بسببِ التطور الحداثيٌِ .
فالحداثةُ ليست في تركِ منزلِ الأَبِ أو الجَدٌِ والبحثِ عن منزلٍ ومَسكَنٍ غيرُه ،
ولكن في إعادةِ تجديدهِ حسبَ أنماطِ البناءِ الحديثةِ مع الإحتفاظِ بالتراثِ والهُوية ،
حتي التراثِ الثقافيٌْ تبدلَ به الحال وأوشكنا أنْ نَنسَي تُراثنا في الفنٌٍ والمسرح والأغنية ،
الحداثةُ في مواكبةِ العصرِ حسبَ ما يتماشَى مع موروثي وتقاليدي لا أن أتماشى أنا معه وأهدِمَ القديم نهائيٌّا ،
فلقد جعلنا التهميشَ لتراثنا هو السندانُ الذي تطرُقُ عليهِ مِطرقةُ الحداثة .
وإذا واصلنا المسيرَ في هذا الإتجاهِ المرسوم
سوف نفقد موروثنا وتراثنا
ومَن ليس له ماضٍ ، فلن يكونَ له حاضرا
وحتمٌا لن يكونَ له تاريخ …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى