من شهداء أحداث 17 أكتوبر
فطيمة بدار شهيدة في عمر الزهور، استشهدت وعمرها لا يتجاوز ال 15 سنة خلال أحداث 17 أكتوبر 1961
بقلم : يوسف كرعي
تعد إحدى أصغر شهيدات ثورة التحرير، حيث رحلت وعمرها لم يتجاوز سن ال 15 ربيعا، صغر سنها وتواجدها بأرض الغربة «فرنسا» لم يمنع أن تتمتع بوعي وطني كبير، تركت فطيمة البيت ومقاعد الدراسة لتشارك بإصرار كبير في مظاهرات 17 أكتوبر 1961، التي نظمت على أرض المستعمر، براءتها وصغر سنها لم يشفعا لها لدى جلاديها، فنكل بها أبشع تنكيل وألقي بها مثل المئات من الجزائرين بنهر السين وبقنوات صرف المياه القذرة، تاركة عائلة تحترق ألما ووطنا يسير بخطوات ثابتة نحو الاستقلال.
كل من يتأمل في المسار البطولي ل «فاطمة بدار» إبنة المهاجر الجزائري بفرنسا، يقف على قناعة الجزائرين الراسخة وإيمانهم المزدوج بالكفاح والنصر، ولعل مسار والدها الشاق جعلها تستمد أبجديات الصمود وروح النضال، لأنه أسر في الحرب العالمية الثانية من طرف الألمان ونجا عن طريق الفرار من قبضة الموت خلال مشاركته في معركة إيطاليا.
الشهيدة البطلة من مواليد 5 أوت 1946 ببجاية، تمكنت أسرتها الالتحاق بوالدها المهاجر الذي كان يعمل بشركة غاز فرنسا سنة 1951 وعمرها لا يتعدى ال 5 سنوات، كانت تدرس بالمعهد التجاري والصناعي للإناث، الواقع بشارع الجزارين بباريس .
رغم صغر سن فاطمة، إلا أنها كانت تبدو وكأنها فتاة ناضجة. شغفها للتعبير عن مشاعر نصرة الجزائر الحارقة في حلقها، جعلها لا تستجيب لدعوة والدتها التي أمرتها بالعودة باكرا من المدرسة من أجل الاعتناء بإخوتها، وحتى تسمح لوالديها بالمشاركة في تلك المظاهرات، لكن فاطمة أصرت بشجاعة على أن تقول كلمتها وتعبر عن مشاعرها الوطنية وتصرخ في وجه المستعمر وعلى أرضه بأن الجزائر جزائرية، ولن تسكت حتى يسترجع الوطن حريته.
تعرضت الشهيدة كغيرها من الجزائرين الذين جهروا بمعارضتهم للمستعمر في تلك المظاهرات الحاشدة إلى الضرب والتنكيل وألقي بها في نهر Saint-Denis تاركة وراءها أسرتها الصغيرة التي ظلت لعدة أيام تبحث عنها، ولم يعثر عليها إلا بعد 14 يوما عالقة في قناة دوستان من طرف عمال الصيانة المكلفين بتنظيف شباك المنفذ لهذه القناة.
استشهدت هذه الفتاة الصغيرة لتكون درسا حقيقيا للتضحية خلال ثورة التحرير، وما أعظم ثورة التحرير المجيدة.
المجد والخلود للشهداء الابرار