صرخة لَيْلَـى
الشاعر د ناصر الدسوقي
لَمـلِــم دفـاتـِركَ القـديـمـةَ قَـيْــسُ
فلَـمْ تَعُـد ليـلى كـسـابِـقِ عهـدِهــا
أغـلِــق صِحـــاف الشِّعــرِ فـيهـــا
ما استطعت بأن تغُوصَ لوصفِهـا
ما عُـدتَ بالأشعـارِ تُجـيـدُ صِياغةً
ولا الكلماتُ صارت ِتوصِـف ليلَها
وأعْـلَـم بِأنَّ النـاسَ قـد عَـجَـــزُوا
عـن الإدراكِ لِمـا يــدورُ بِحـالِهــا
يا قـيـسُ ما عادت لِترجُـوَ بسـمةً
بل ما تُريدُ هـو الخلاصُ لأمرِهـا
ما عـاد يُجـديهـا شِعـاراتٌ عـلـَتْ
أو أناشيدٌ تُغنَّى فى الدُّروبِ بِحَيِّها
ماذا جنَتْ مِن الدفُـوفِ وتصفيـقِ
الأيادى ! فهل للنـورِ لاحَ ببيتَهـا
هـل ما نشَـدْتَ فـيهـا مِن غِـنــاءٍ
زانهــا أو زادَ بالأيـامِ لعُـمـرِهـا
أُنظُر ملامحها التى قد شابها أَلمٌ
وهـا الأحزان قد عَلِقَـت بوجههِا
أما سـألـتَ نفـسَـك قـيـسُ مــرًّة
مـا بِليلَـى ومـا لِلشَّيـبِ برأسِهـا
أما رأيـت بأن ليلى قـد تخـافـت
حسنُها وصار أغبرَ أشعث شعرِها
ورأيـتَ قـومًـا كالغُـزاةِ لَصـدِّهــــا
مِـن أنْ تكـون يومًا مَلِكةَ عصرِها
مـا حـاولـــوا إلاَّ بِـقـيــــسِ الــذى
ألْقَى الخبائِثَ كى تجُـوبَ بنهـرِهـا
يا قـيـسُ ليـلَـى لا تُـريــدُ كـتـابـــًةً
فقـدَ ألِمَـتْ غَـرْسَ الحِرابَ بقلبِهـا
ولـم تَـرَ مِـن العُـشَّـــــاقِ بـفـارسٍ
مَنَعَ السيـوف أوِ السِّهامَ بقوسِهـا
أو فى المعـارِكِ قـد عَـلَا بِجــوادِهِ
شجـَّ الرؤوس تساقطـت بترابِهـا
أقيـس : ما فيكُم بفارسِ قـد أتـى
بنخوة عربيةٍ يُنهِى حدُودَ عذابِها
أمْ أنهـا تِـلكَ القِــلاعُ تـحـصَّـنـتْ
وبالعيـنِ فقط نحُطُّ على أبـوابِهـا
وها المقـامُ نريـدُ لهُ زِيارةً لكنَّهُم
وضعُـوا الحواجِزَ ما لنا بعبُورِهـا
أتـلكَ ليلَـى التـى كانـت بِخُـطـــوةٍ
تُحـرِّكُ أُمَّـةً مِـن شـرقِهـا لِغـربِها
هـل هـذه مليــكَـةُ قـومِهـــا التــى
عجَـزَ الكثيـرُ بسـابِقٍ فى كسرِهـا
الآن ليلــى فـى سُـوقِ النِّخـاسَــةِ
بعـد مـا حـلَّ الخـرابُ بمُـلـكِـهــــا
صـارت تُبـاعُ وتُشتَـرِى ولَم تَجِـدْ
فيكُـم مُحِـبًّـا كـى يَـفُـكَّ لِأسْـرِهَـــا
ومـا رأيـتُ مهــابـًةً فـى فِعْـلـِكُــمْ
ومـا لِمسْـتُ بِحِمْيَــةٍ فـى رَدِّهَـــا
يا قيسُ شِعـرُكَ ما لَم يُجَمِّعَ أهلهُ
خُـذْ ما كتَبتَ إلى التراب لِدفـنِهـا
صرخة ليلي
من ديواني الرابع
رقصاتٌ علي صفحةِ النهر
ناصر الدسوقي