شاهد.. د. فاروق الباز يحضر مواجهة ميهوبي “إرهابيس” في مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية
إيمان منتصر
بحضور العالم الكبير د .فاروق الباز وعدد كبير من النقاد ، أقيمت أمس الثلاثاء ندوة عبر تطبيق ” زوم” لمناقشة رواية “إرهابيس” للأديب الدكتور عز الدين ميهوبي .
أدار اللقاء الأديب منير عتيبة مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية.
8
قدم الناقد اللبناني د .عبد المجيد زراقط بشرح تفصيلي وقال : “إرهابيس ، أرض الاثم والغفران ” للكاتب عزِّ الدين ميهوبي الصادرة عن ” منشورات جفرا بالمملكة الأردنية الهاشمية ” ، رواية تثير الكثير من الإشكاليات على مستويي الرؤية والبنية الروائية .
مضيفا : سنحاول أن نتبيَّن بعض هذه الإشكاليات ، وأن نثير أسئلتها ، ونجيب عنها ، فقد جاء في نهاية هذه الرواية : ” انتهى مؤتمر إرهابيس ، رأينا كل شيء ، أفقت مذعوراً… ، سألني ابني : ما معنى داعش ، … ، اللعنة على إرهابيس وأهلها ” ( ص. ٢٩٣ ) ، تفيد هذه النهاية ، أوَّلاً ، أنَّ الرواية حلم أفاق منه الراوي مذعوراً ، وثانياً أنَّ فضاء يعيشه في عالمه ، هو فضاء خوف تشكِّله منظَّمة “داعش” الإرهابية ، فابنه يسأل عن معناها ، وذلك لكثرة حضورها في عالمه ، وثالثاً أنَّ الحلم لم يؤدِّ وظيفته ، وهي كما يقول علم النفس التحليلي ، تحقيق رغبة مهيمنة على الذات في وعيها ولا وعيها ، والخلاص من الخوف الذي كوَّنها رغبةً فاعلة .
وتابع : الأسئلة التي تُطرح ، هنا ، كثيرة ، منها : ما هو هذا الحلم / الرواية ؟ ولمَ لمْ يؤدِّ وظيفته ؟ وما هو عالم هذا الحلم ؟ وهل الخوف على الذات وعلى الابن ، بوصفه الدالَّ على تجدُّد الحياة والمستقبل ، هو الذي لم يجعل الحلم فاعلاً ؟ ولمَ كان ذلك ؟.
ويرى زراقط أن قراءة الرواية تفيد أنّ الحلم غرائبي ، وعالمه عالم غريب ، ولشدَّة رغبة الراوي في العيش فيه ، يقول فيما يقوله عن واقعه : “إنِّي أستسلم لواقع لم أكن أحلم يوماً أن أكون على تماسٍّ معه ” ( ص. ٤٧) . كما أن ترْك ماريا ، وهي إحدى شخصيات الرواية ، لابنيها والمجيء لمعرفته، والإسهام في كتابة تحقيق عنه ، ما أدى إلى وصفها بالمجنونة ، وطلب المغفرة لها من الرب كأنها ترتكب خطيئة ( ص. ٩) ، دالُّ على شدَّة هذه الرغبة وقوَّة فاعليتها ، فما هو هذا الحلم / الرواية ؟ وما هي الرؤية التي ينطق بها ؟ .
وأضاف د .عبد المجيد زراقط : كان الوقت شتاءً ، حين يبحر ستة صحفيين ، هم : كوستا البرازيلي ، وماريا الروسية ، وجون البريطاني ، وكوامي الغاني ، وأمين الجزائري ، وهو راوي هذه الرواية ، وجواد الباكستاني ، في اتجاه جزيرة يقول ماركوس ، ربان المركب الذي يستقلُّونه عنها : الجزيرة مهجورة إلا من بعض الناس الغرباء الذين وفدوا إليها ليلاً ، من مناطق بعيدة ، لا أحد يعرفهم ، اختاروا أرخبيل “غالاباغوس ” النائم على كتف ” الأكوادور ” ، واستقرَّ كثير منهم في جزيرة ” داروين ” . وسُمِّيت هذه الجزيرة ” أرهابيس ” ، تخليداً لأسطورة ” أتلانتس ” الغارقة في المحيط ، وتيمُّناً باسم تلك الجزيرة ذات الحضور الأسطوري في التاريخ ( ص. ١٣١ ) .
مضيفا : يبدو أنَّ المراد من التسمية ” ارهابيس ” إعطاء بعد أسطوري غرائبي للجزيرة ، وما يؤيِّد ذلك قول الراوي ، لدى وقوفهم أمام أحد مشاهدها : نحن ” أمام مشهد أسطوري في غاية الغرابة ” (ص. ١٣ ) . إن يكن الأمر هكذا ، فان الاسم بالعربية دالٌّ على ” الإرهاب ” ، وخصوصاً أن الاسم الآخر الذي تُعرف الجزيرة به هو “إرهابستان” ، أي دولة الإرهاب ، و الغلاف بفضائه القاتم وصورته المرهبة يؤكِّد هذه الدلالة .
من جهته ، قال الناقد المصري د .شريف الجيار إن رواية “ارهابيس- أرض الإثم والغفران” للروائي الجزائري عز الدين ميهوبي جاءت من معايشة لواقع أخذ فيه الإرهاب حيزا كبيرا في تسعينيات القرن الماضي وما بعدها، وانتشار العنف والجماعات الإرهابية التي تهدد العالم بمزيد من الدمار والخراب ، وكاد العالم يتحول لغابة يملأها الوحوش ورجال الدم والفساد .
مضيفا أن “إرهابيس” رواية تتشكل من مدينة افتراضية تجمع الكثير من الإرهابيين المشهورين في العالم ومعهم الزعماء والقادة الديكتاتوريين عبر التاريخ، يمكن اعتبارها رواية ملحمة الإرهاب، لأنها تجمع الكثير من الملامح التاريخية والثقافية والاجتماعية لمدينة المتناقضات “الفكرية والسياسية” الإرهابية، وهي تنطلق من رحلة بحرية لسفينة تتجه نحو جزيرة تحتوي دولة إرهابستان، والسفينة تنقل بعض الصحفيين من دول مختلفة قصد التفاعل مع مؤتمر الزعماء الذين تلوثت أيديهم وضمائرهم بالدم، وكأن الكاتب يبحر بنا بعالم ارهابيس الغامض.
وأضاف الجيار : يقرأ الروائي بعيون استشرافية ، حيث تقوم قيامة متخيلة وفنية لرجال الدم والنار والقتل والبطش..، وهي رحلة سردية فكرية إلى كونية الفعل الإرهابي وتعدد أشكاله ومرجعياته وأدواته.
وعن الصراع في رواية ” إرهابيس” قال د .شريف الجيار : كان الصراع بارزا في مختلف أحداث السرد وفي مختلف فصولها ، وكان هناك دورا واضحا للصحافيين الذين قاموا برحلة إلى هذا العالم ليتعرفوا عليه وعلى عاداته وتقاليده، كما تعرفوا على شخصياته وزعمائه السياسيين والثوريين مهما جرى بينهم وبين هؤلاء الزعماء من صراعات قوية. مؤكدا أن الرواية كتبت بطريقه جاذبة للقارئ ولن يمل من الأحداث.
وفي نهاية اللقاء قدم د. عز الدين ميهوبي شرحا لبعض النقاط للجمهور وشكر جميع الحضور ، وأعرب عن تقديره للنقاد ، مشددا على أن ما أثاروه من نقاط تتعلق بالسرد والأحداث كان جوهريا ويخدم فكرة الراوية.
شارك في اللقاء المستشرق إلدار غالييف من روسيا ، والإعلامي الممثل الإماراتي احمد عبد الرازق ، والكاتبات المصريات نهي عاصم وأميمة الزغبي ود .نادية البرعي وهناء عبد الهادي.