قصائد و مقالات

هل الدعوة للمناسبات تصفية حسابات؟

✍️ بدرية المعجل :

حثّنا ديننا الإسلامي على التآلف والتعارف وإقامة العلاقات السليمة بين أفراده، قال تعالى:

“وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”،

تبرزُ أَهمِّيَّةُ المشاركةِ في المناسباتِ الاجتماعيَّةِ في أَنَّها: تقوّي روابطَ المحبَّةِ والتآلفِ بينَنا، وتعزِّزُ التعاونَ على البِرِّ والتقوى حينَ نشاركُ الآخرينَ أفراحَهُمْ وأحزانَهُمْ، كما أَنَّها سببٌ في نيلِ الأَجرِ والثوابِ.
في نسيجٍ اجتماعيّ راقٍ تحكمه الأخلاق الفاضلة والسلوكيات المتزنة، حيث يحب أفراده بعضهم بعضًا، ويتشاركون في السراء والضراء.

كما حثّنا الدين الحنيف على إظهار الفرح في المناسبات السارة، بمشاركة من يحبنا من أقاربنا وأصدقائنا، الذين يتمنون لنا السعادة والسرور، فيعبرون عن ذلك بحضورهم ومشاركتهم وسط أجواء مفعمة بالفرحة والمحبة.

في الماضي، كانت المناسبات بسيطة، يجتمع فيها الأقارب والمعارف جميعًا، كبارًا وصغارًا، في أجواء جميلة من المحبة والألفة. لم نكن نرى قريبًا يتخلّف، أو رفيق يعتذر لأن القلوب كانت صافية ونقية، وكان القريب لا يهنأ بالفرح حتى يرى قريبه إلى جواره. وكانوا يسافرون المسافات الطويلة للمشاركة في الأفراح، فكانت حياتهم هنيئة، تحفّها البركة والرضا والطمأنينة من كل جانب.لقد كان فرح القريب فرحًا لهم، وسعادته من سعادتهم.

ومع تغيّر الأوضاع الاجتماعية وتبدّل النفوس، أصبحنا نرى العجب في دعوات المناسبات، وكأنها أصبحت وسيلة لتصفية الحسابات، دون اعتبار للوفاء أو لصلة الرحم، التي أمرنا بها ديننا الإسلامي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لا يدخل الجنة قاطع رحم.”

حيث تعدّ قطيعة الرحم من الكبائر، كبائر الذنوب، ومن أسباب حرمان دخول الجنة، إلا إذا عفا الله عن صاحبها، فالقطيعة من المنكرات والمعاصي الكبيرة،

قال الله جلَّ وعلا: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ …)

ففي الوقت الحاضر أصبح المعارف والأصدقاء أقرب من القريب، وأصبحت دعوات الأقارب محدودة، بينما يُدعى البعيد بحكم المعرفة والصداقة

تباعدت الأسر، وكثر القيل والقال بينهم ، وأصبحت الدعوة وكأنها تصفية حسابات لا مناسبة يُفرح بها القريب قبل البعيد.

ومن هنا يجب أن نُدرك أن مَن لا خير فيه لأهله، لا خير فيه للناس.

ومَن لا يُقدّر الآخرين، لن يُقدّروه.

علينا جميعًا أن نعيد الهيبة للبيوت وبركتها، كما كانت في زمن آبائنا وأمهاتنا، رحمهم الله.

كانت بيوتهم عامرة بالحياة، مليئة بالأقارب من إخوة وأخوات وأرحام.

كانت بيوت كرم وخير وبركة، يكرمون الضيف والغريب بلا كلل ولا ملل، ولا يحسبون حسابًا لما ينفقون.

وهذه من صفات الكرم العربي الأصيل، وأصحاب النفوس العظيمة، التي تسمو عن التفاهات، وتنشغل بما يُجمّل ذكرها في هذه الحياة الفانية.

في الختام:

تقديرك لأقاربك طاعة ل ربك و سعادةٌ لك، وبركة في رزقك، وطمأنينة لقلبك.

عبدالله الحائطي

المشرف العام و رئيس التحرير لصحيفة الآن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا عن طريق الواتس آب