ألم وهدوء

✍️ غزل أحمد المدادحة :
هناك مريض يملأ دنياه صراخاً من الألم، وهناك أخر، يتألم بصمت دون صوت وكلام، هناك من يُدفع للعلاج دفعاً، وهناك أخر، يذهب طواعية متحملاً ما يواجهه في مشوار علاجه، من الصنف الثاني هناك مريض يسكن قلبي، أعرفه ويعرفني، يخفي في صدره درر صافية من الأحاسيس تجاهي، ويحمل لي مشاعر أقل وصف لها أنها عظيمة، يحب الجميع، يتعب ويرهق نفسه دون كلام ويضمر الخير ويحس بالجميع ويكابر من أجلهم، هذا المريض هو أمي.
اليوم يبدأ مشوار طويل من سلسلة علاج أمي، مشوار وحيد، لا أحد سيتحمل الألم عنها، ستتألم لوحدها بل ستكون في غرفتها وحيدة، لا أعرف نفسيتها تلك الساعة، لكن متأكد أنها تكون تقرأ القرآن، لأن من عادتها تقرأه حتى تريد أن تنسى ما يحصل معها
أو تفكر بعائلتها وإبنتها الوحيدة أو تعيد ذكريات طفولة ودراسة تمنت لو تكملها، وعلى الأغلب ستحتل ابنتها المساحة الأكبر من تفكيرها.
وحتماً سأكون معها، لكن في غرفة الانتظار في الخارج، سأكون أدعو لها وأطمن عليها بين الفنية والفنية، وأنتظر فتح الباب كي تطل عليّ بإبتسامتها المشرقة الممزوجة بالأمل بالرغم ما خلفها من تعب وألم، كي تحضني وتهدهد عليّ قائلة أنا بخير حبيبتي،
لا شك ستكون رحلة علاج طويلة غير مملة بالنسبة لها، لأنها أم عظيمة وستجعل من رحلتها حياة جديدة، وهي تعرف استثمار وقتها ولو كان مرضاً، انها أمي التي أحبّ أقرب الى نفسي مني.
سأكون معك يا أمي بكل هذه التفاصيل، لن أتركك، سأطلب لك من الله أن يحميك، أن يشفيك، أن يحقق حلمك، يا من أعطيتِ دون أن تفكري يوماً بنفسك، لذا، أقف وأسأل، هل ينصف الزمن من عاش وأعطى دون منة؟ هل سيعيد البعض حساباته أنه قد
حان دوره ليرد لهذا الملاك شيئاً مما أعطاه؟.